كانت آخر الكلام وجب أن تكون الأولى ( صفاتها جهر ورخو مستفل منفتح مصمتة والضد قل ) الصفة ما قام بالشيء من المعاني كالعلم والسواد وقد تطلق الصفة ويراد بها النعت النحوي والمراد بها ههنا عوارض تعرض للأصوات الواقعة في الحروف من الجهر والرخاوة والهمس والشدة وأمثال ذلك فالمخرج للحرف كالميزان يعرف به ما هيته وكميته والصفة كالمحك والناقد يعرف بها هيئته وكيفيته وبهذا يتميز بعض الحروف المشتركة في المخرج عن بعضها حال تأديبه ولولا ذلك لكان الكلام بمنزلة أصوات البهائم التي لها مخرج واحد وصفة واحدة فلا يفهم منها المرام وهذا معنى قول المازني إذا همست وجهرت وأطبقت وفتحت اختلفت أصوات الحروف التي من مخرج واحد وقال الرماني وغيره لولا الإطباق لصارت الطاء دالاً لانة ليس بينهما فرق إلا الإطباق ولصارت الظاء ذالاً ولصارت الصاد سيناً فسبحان من دقت في كل شيء حكمته روى أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى ناظر معتز ليا فقال له بإقفال بألم قال قل خا فقال خا فقال له بين مخرجهما فبينهما فقال إن كنت خالق فعلك فاخرج الباء من مخرج الخاء فبهت المعتزلي وصفات الحروف منها ماله ضد ومنها ما ليس له ضد كما سيأتي بيانها وإنما ذكر الشيخ رحمه الله ههنا صفاتها المشهورة اللائقة لمقدمته المختصرة وإلا فقد ذكر بعضهم أن لها أربعة وأربعين صفة وزاد بعضهم عليها كما في المكتب المبسوطة فذكر المصنف من صفاتها سبعة عشر نوعاً : منها الجهر والرخوة @ والاستفال الانفتاح والاصمات بحسب ما اتفق له من الوزن تارة بلفظ المصدر وأخرى بصيغة الوصف وستأتي ومعانيها مع أضدادها في محلها اللائق بها وقوله والضد قل أي واذكر أضداد هذه الصفات الخمسة بالمقابلة المرتبة كما قال ( مهموسها فحثه شخص سكت ) فإن الأشياء تتبين بأضدادها وبتعداد حروف بعض الأضداد تعرف سائر الأضداد من جهة الأعداد ولما كانت الحروف المهموسة وأمثالها قليلة قابلة لسرعة ضبطها وحفظها بينها


الصفحة التالية
Icon