وترك بيان أضدادها لما يعرف من مفهوم ما عينها والحاصل أن الحروف المهموسة مجتمعة في كلمات مركبة منها عبر عنها بقوله " فحثه شخص سكت " وهي عشرة الفاء والحاء المهملة والثاء المثلثة والهاء والشين والخاء المعجمتان والصاد والسين والكاف والثاء المثناة من فوق فالحث بمعنى الحض والشخص معروف وسكت فعل ماض من السكوت ثم الهمس في اللغة الخفاء ومنه قوله تعالى " فلا تسمع إلا همساً " والمراد به حس مشي الأقدام إلى المحشر أو حس كلام أهله من هول ذلك النظر ومما يناسب المعنى الأول قول الشاعر : وهن يمشين بنا همياً إن يصدق الطير ننك لميسا وسميت مهموسة لجريان النفس معها لضعفها ولضعف الاعتماد عليها عند خروجها وضدها المجهورة والجهر في اللغة الصوت القوي الشديد وسميت مجهورة لمنع النفس وحصره أن يجري معها لقوتها وقوة الاعتماد عليها عند خروجها والتحقيق أن الهواء الخارج من داخل الإنسان إن خرج ذلك بدفع الطبع يسمى نفساً بفتح الفاء وإن خرج بالإرادة وعرض له تموج بتصادم جسمين يسمى صوتاً وإذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة بأسباب معلومة يسمى حروفاً وإذا عرض للصوت كيفيات أخر عارضة بسبب الآلات تسمى تلك الكيفيات صفات ثم إن النفس الخارج الذي هو صفة حرف إن تكيف كله بكيفية الصوت حتى يحصل صوت قوي كان الحرف مجهوراً وإن بقي بعضه بلا صوت يجري مع الحرف كان ذلك الحرف مهموساً وأيضاً إذا انحصر صوت الحرف في مخرجه انحصاراً تاماً فلا يجري جرياناً سهلأ يسمى شديداً فإنك لو وقفت على قولك الحج وجدت صوتك راكداً محضوراً حتى لو رمت مد صوتك لم يمكنك وأما إذا جرى الصوت جرياناً تاماً ولا ينحصر أصلاً يسمى رخوة كما في الطش فإنك إذا وقفت عليها وجدت صوت الشين جارياً بمدة إن شئت وأما إذا لم يتم الانحصار ولا يجري يكون متوسطاً بين الشدة والرخوة كما في الظل فإنك إذا وقفت عليه وجدت الصوت لا يجري مثل ذلك يعني مثل جري الطش ولا ينحصر مثل انحصار الحج بل يخرج