القراءة فليس بقراءة وأما ما ذكره الشيخ زكريا من قوله وفي نسخة باللفظ في النطق فلا وجه لصحتها فما كان ينبغي له ذكرها إلا مقروناً بالتنبيه على ضعفها ثم اعلم أن كتاب الله تعالى يقرأ بالترتيل والتحقيق وبالحدر والتخفيف والأول أولى لظهور المعنى والثاني أفضل لتكثير المبنى وقد ورد أنه ﷺ قال " من أجب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد " يعني عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والمراد بالغض الطري فإنه رضي الله عنه كان قد أعطى حظاً عظيماً في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى " وقد أمره ﷺ أن يسمعه القرآن فقال أقرأ عليك وعليك أنزل فقال نعم أحب أن أسمعه من غيري فقرأ عليه سورة النساء إلى أن وصل إلى قوله فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً فقال حسبك الآن وكانت عيناه تذرفان " وفي الحديث الوارد في الصحيحين إيماء إلى بيان الطريقين في أخذ القراء عن الشيوخ ولما كان عبد الله من أجلاء علماء القراءة من الصحابة خصه ﷺ بهذه المنقية وتجوز القراءة سراً وعلانية وبأيهما اقترن نية صالحة كان أعلى وأولى وفي الموطأ وسنن النسائي عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي ﷺ " اقرءوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون أهل الفسق والكتابين " وفي رواية " أهل العشق والكتابين فإنه سيجيء قوم بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم " والمراد بألحان العرب القراءة بالطبائع والأصوات السليقية وبألحان أهل الفسق الأنغام المستفادة من القواعد الموسيقية والأمر محمول على الندب والنهي محمول على الكراهة إن حصل له معه المحافظة على صحة ألفاظ الحروف وإلا فمحمول على التحريم والقوم الذي لا تجاوز حناجرهم قراءتهم الذين لا يتدبرونه ولا يعلمون به ومن جملة العلم به الترتيل


الصفحة التالية
Icon