الكلام حلو المنظر، يلقى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما يحبُّ، وينطوي له بقلبه على ما يكره.
فقوله: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ أي يخفون ما في صدورهم من الشَّحْنَاءِ والعداوةِ.
قال عبدُ الله بنُ شداد: نزلت في بعض المنافقين، كان إذا مرَّ بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه، وغطَّى وجهه، كي لا يراه النبي - صلوات الله وسلامه عليه -.
قال قتادة: كانوا يخفون صدورهم، لكيلا يسمعُوا كلامَ الله ولا ذكره.
وقيل: كان الرَّجلُ من الكُفَّار يدخل بيته، ويرخي ستره، ويحْنِي ظهرهُ، ويتغشَّى بثوبه، ويقول: هل يعلمُ الله ما في قلبي.
وقال السُّدي: «يَثْنُونَ صُدورَهُمْ» أي: يُعرضُون بقلوبهم، من قولهم: ثنيت عناني ليَسْتخْفُوا مِنهُ أي: من رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه -.
وقال مجاهدٌ: من الله عَزَّ وَجَلَّ.
﴿أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ يغطون رؤوسهم بثيابهم و «ألا» كلمة تنبيه أي: ألا إنهم يستخفون حين يستغشون ثيابهم. ثم ذكر أنَّهُ لا فائدة لهم في استخفافهم فقال سبحانه: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور﴾.
قال الأزهري معنى الآية من أولها إلى آخرها: إنَّ الذين اضمرُوا عداوة رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يخفى علينا حالهم.
وروى محمد بن جرير عن محمد بن عباد بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -؛ أنه سمع ابن عباس يقرأ ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ قال: كان أناسٌ يستحيون أن يَخلوا فينفضوا إلى السَّماء، وأن يجامعوا نساءهم، فيفضوا إلى السَّماءِ؛ فنزل ذلك فيهم.
لمَّا ذكر أنه: ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ أردفهُ بما يدلُّ على أنَّهُ تعالى عالمٌ بجيمعِ المعلومات وهو أنَّ رزق كلَّ حيوان إنَّما يصل إليه من الله؛ لأنَّه لو لم يكن عالماً بجيمع المعلُومات لما حصلت هذه المهمَّات.