سَندْعُ الزَّبَانِيَةَ» «لَصَالُ الجَحِيم». قال المفسرون: والفلاح: النجاة والبقاء. قال ابن عباس: قد سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة. وتقدم الكلام في الإيمان في البقرة. قوله: ﴿الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ الجار متعلق بما بعده، وقُدّم للاهتمام به، وحسنه كون متعلقه فاصلة، وكذا فيما بعده من أخواته، وأضيف الصلاة إليهم، لأنهم هم المنتفعون بها، والمُصلى له غَنِيٌّ عنها، فلذلك أضيفت إليهم دونه.
فصل
اختلفوا في الخشوع فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة، ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون وترك الالتفات ومنهم من جمع بين الأمرين، وهو الأولى.
قال ابن عباس: مخبتون أذلاء. وقال الحسن وقتادة: خائفون. وقال مقاتل: متواضعون. وقال مجاهد: هو غض البصر وخفض الصوت، والخشوع قريب من الخضوع إلا أنّ الخضوع في البدن، والخشوع في القلب والبصر والصوت قال تعالى: ﴿وَخَشَعَتِ الأصوات للرحمن﴾ [طه: ١٠٨]. وعن عليّ: هو أن لا يلتفت يميناً ولا شمالاً. وقال سعيد بن جبير: هو أن لا يعرف من على يمينه ولا من على يساره. وقال عطاء: هو أن تعبث بشيء من جسدك، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبصر رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» وقال ابن الخطيب: وهو عندنا واجب، ويدل عليه أمور:
أحدها: قوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ [محمد: ٢٤]. والتدبير لا يتصور بدون الوقوف على المعنى، وقوله تعالى: ﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً﴾ [المزمل: ٤] أي: قفوا على عجائبه ومعانيه.