أي: يعظكم الله بهذه المواعظ التي بها تعرفون عظم هذا الذنب، ولأن فيه الحد والنكال في الدنيا والعذاب في الآخرة، لكي لا تعودوا إلى مثل هذا الفعل أبداً.
قوله: «أَنْ تَعُودُوا» فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مفعول من أجله، أي: يعظكم كراهة أن تعودوا.
الثاني: أنه على حذف «في» أي: في أن تعودوا، نحو: وعطف فلاناً في كذا، فتركه.
الثالث: أنه ضمن معنى فعل يتعدى ب «عَنْ» ثم حذفت، أي: يَزْجُرُكُمْ بالوعظ عن العود.
وعلى هذين القولين يجيء القولان في محل «أنْ» بعد نزع الخافض.
قال ابن عباس: «يحرم الله عليكم».
وقال مجاهد: «يَنْهَاكم اللَّهَ أنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أبداً إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم الآيَات» في الأمر والنهي «وَاللَّهُ عَلِيمٌ» بأمر عائشة وصفوان «حَكِيمٌ» ببراءتهما.
واعلم أن العليم الحكيم هو الذي لا يأمر إلا بما ينبغي، ولا يهمل جزاء المستحقين فلهذا ذكر هاتين الصفتين وخصهما بالذكر.

فصل


استدلت المعتزلة بقوله: ﴿إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ على أن ترك القذف من الإيمان، لأن المعلق على الشرط يعدم عند عدم الشرط.
وأجيبوا بأن هذا معارض بقوله: ﴿إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ﴾ [النور: ١١] أي: منكم أيها المؤمنون، فدل ذلك على أن القذف لا يوجب الخروج عن الإيمان، وإذا ثبت التعارض حملنا هذه الآية على التهيج في الاتعاظ والانزجار.

فصل


قالت المعتزلة: دلت هذه الآية على أنه تعالى أراد مَنْ جميع من وعظه مجانبة ذلك في المستقبل وإن كان فيهم من لا يطيع، فمن هذا الوجه يدل على أنه يريد منهم كلهم


الصفحة التالية
Icon