في الصلاح في الدين ما يرضاه (تعالى) سمي زكياً، فلا يقال: زكى إلا إذا وجد زاكياً، كما لا يقال لمن ترك الهدى: هداه الله مطلقاً، بل يقال: هداه الله فلم يهتد. ودلت الآية على أن الله تعالى هو الخالق لأفعال العباد، لأن التزكية كالتسويد والتحمير، فكما أن التسويد يحصل السواد، فكذا التزكية تحصل الزكاء في المحل.
والمعتزلة حملوها هنا على فعل الإلطاف، أو على الحكم بكون العبد زكياً، وهو خلاف الظاهر، ولأن الله تعالى قال: ﴿ولكن الله يُزَكِّي مَن يَشَآءُ﴾ علق التزكية على الفضل والرحمة، وخلق الإلطاف واجباً فلا يكون معلقاً بالفضل والرحمة، وأما الحكم بكونه زكياً فذلك واجب، لأنه لولا الحكم له لكان كذباً (و) الكذب على الله محال، فكيف يجوز تعليقه بالمشيئة؟.

فصل


قال ابن عباس في رواية عطاء: هذا خطاب للذين خاضوا في الإفك، ومعناه: ما ظهر من هذا الذنب ولا صلح أمره بعد الذي فعل، أي: ما قبل منكم توبة أحد أبداً، ﴿ولكن الله يُزَكِّي مَن يَشَآءُ﴾ يطهر «مَنْ يَشَاءُ» من الذنب بالرحمة والمغفرة ﴿والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي: يسمع أقوالكم في القذف، وأقوالكم في البراءة و «عَلِيمٌ» بما في قلوبهم من محبة إشاعة الفاحشة أو من كراهتها، وإذا كان كذلك وجب الاحتراز عن معصيته.
قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ﴾ الآية.
يجوز أن يكون «يَأْتَلِ» :«يفتعل»، من الألية، وهي الحلف، كقوله:
٣٨٢١ - وَآلَتْ حَلْفَةً لَمْ تَحَلَّلِ...


الصفحة التالية
Icon