قوله تعالى: «فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ» هذا خطاب مع المشركين، أي: كَذَّبَكُمُ المعبودون في قولكم إنهم آلهة وإنهم أضلوكم. وقيل: خطاب للمؤمنين في الدنيا، أي: فقد كذبوكم أيها المؤمنون الكفار بما تقولون من التوحيد في الدُّنيا، وهو معنى قوله «بِما تَقُولُونَ». وهذه الجملة من كلام الله تعالى اتفاقاً، فهي على إضمار القول والالتفات. قال الزمخشري: هذه المفاجأة بالاحتجاج والإلزام حسنةٌ رائعةٌ وخاصة إذا انضمَّ إليها الالتفات وحذف القول، ونحوها قوله: ﴿يَا أَهْلَ الكتاب قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ [فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ] ﴾ [المائدة: ١٩]، وقول القائل:
٣٨٦٨ - قالوا خُراسَانُ أَقْصَى مَا يُرَادُ بِنَا | ثُمَّ القُفُولُ فَقَدْ جِئْنَا خُرَاسَانَا |
يريد أنَّ الأصل في الآية الكريمة فقلنا فقد كذبوكم، وفي البيت: فقلنا قد جئنا. وقرأ أبو حيوة وقنبل في رواية ابن أبي الصلت عنه بالياء من تحت، أي: «فَقَدْ كَذَبَكُم الآلِهَةُ بِمَا يَقُولُونَ (سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ» إلى آخره وقيل: المعنى: فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار بما يقولون) من الافتراء عليكم.
قوله: «فَمَا يَسْتَطِيعُونَ».
قرأ حفص بتاء الخطاب، والمراد عبَّادها، والمعنى فما تستطيعون أنتم يا كفار صرف العذاب عنكم. وقيل: الصرف: التوبة، وقيل: الحيلة.