الثالث: أنه ضمير المصدر المفهوم من الفعل، أي: نودي النِّداء، ثم فسِّر بما بعده ومثله ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ [يوسف: ٣٥].
قوله: ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾ مَنْ قَائمٌ مقام الفاعل ل «بُورِكَ»، وبَارَكَ يتعدى بنفسه، ولذلك بُنِيَ للمفعول، يقال: بَارَكك اللَّهُ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وبَارَكَ فِيكَ، وَبَارَكَ لَكَ، وقال الشاعر:

٣٩٣٠ - فَبُورِكْتَ مَولُوداً وبُورِكْتَ نَاشِئاً وبُورِكْتَ عِنْدَ الشَّيبِ إذْ أَنْتَ أَشْيَبُ
وقال عبد الله بن الزبير:
٣٩٣١ - فبُرك في بَنِيكَ وفي بَنِيهِمْ إذا ذُكِرُوا ونَحْنُ لَكَ الفِدَاءُ
وقال آخر:
٣٩٣٢ - فَبُورِكَ في المَيتِ الغَرِيبِ كَمَا بُورِكَ نبع الرُّمَّانِ والزَّيْتُون

فصل


والمراد ب «مَنْ» إما الباري تعالى، وهو على حذف مضاف، أي من قدرته وسلطانه في النار، وقيل المراد به موسى والملائكة، وكذلك ب «مَنْ حَوْلَهَا»، وقيل المراد ب «مَنْ» غير العقلاء وهو النور والأمكنة التي حولها، فالأول من مروي عن ابن عباس، وروى مجاهد عنه أنه قال: معناه بوركت النار. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أيضاً، قال: سمعت أبيّاً يقرأ: ﴿أَنْ بُورِكَتِ النَّارُ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ و «مَنْ» : قد تأتي بمعنى (


الصفحة التالية
Icon