ما) كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ﴾ [النور: ٤٥]، و (مَا) قد تكون صلة في الكلام، كقوله: ﴿جُندٌ مَّا هُنَالِكَ﴾ [ص: ١١]، ومعناه: بُورِكَ مَنْ في النَّارِ وفيمَنْ حَوْلَهَا وهم الملائكة وموسى عليهم السلام، وقال الزمخشري: ﴿بُورِكَ مَن فِي النار﴾ : بورك من في مكان النار ومن حولها: مكانها، ومكانها: هي البقعة التي حصلت فيها، وهي البقة المذكورة في قوله تعالى: ﴿مِن شَاطِىءِ الوادي الأيمن فِي البقعة المباركة﴾ [القصص: ٣٠] وتدل عليه قراءة أبيّ.
قوله: «وَسُبْحَانَ اللَّهِ» فيه أوجه:
أحدها: أنه من تتمّة النداء: أي: نودي بالبركة وتنزيه ربِّ العزَّة، أي: نودي بمجموع الأمرين.
الثاني: أنه من كلام الله تعالى مخاطباً لنبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو على هذا اعتراض بين أثناء القصة.
الثالث: أنّ معناه وبُورِكَ من سَبَّحَ اللَّهَ، يعني أنه حذف (مَنْ) وصلتها، وأبقى معمول الصلة، إذ التقدير: بُورِكَ مَنْ في النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا، ومن قال: سُبْحَانَ اللَّهِ و «سُبْحَانَ» في الحقيقة ليس معمولاً لقال، بل لفعل من لفظه، وذلك الفعل هو المنصوب بالقول.
فصل
روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن في قوله: ﴿بُورِكَ مَن فِي النار﴾ يعني: قُدِّس من في النار، وهو الله، عنى به نفسه على معنى: أنه نادى موسى منها، وأسمعه كلامه من جهتها، كما روي أنه مكتوب في التوراة: «جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلى من جبال فران»، فمجيئه من سيناء بعثته موسى منها، ومن ساعير