تسمى الهديل، قالوا: فكل حمامة تبكي فإنما تبكي على الهديل.
قوله: «أم كان»، هذه «أم» المنقطعة، وتقدم الكلام فيها، وقال ابن عطية: قوله ﴿مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد﴾ مقصد الكلام: الهدهد غاب، ولكنه أخذ اللازم عن مغيبه وهو أن لا يراه، فاستفهم على جهة التوقيف عن اللازم، وهذا ضرب من الإيجاز، والاستفهام الذي في قوله «مَالِيَ» ناب مناب الألف التي تحتاجها «أم»، قال أبو حيان: فظاهر كلامه أن «أم» متصلة، وأن الاستفهام الذي في قوله: «مالي» ناب مناب ألف الاستفهام، فمعناه: أغاب عني الآن فلم أره حال التفقد أم كان ممن غاب قبل، ولم أشعر بغيبته؟.
قال شهاب الدين: ولا يظن بأبي محمد ذلك، فإنه لا يجهل أن شرط المتصلة تقدم همزة الاستفهام أو التسوية لا مطلق الاستفهام.
قوله: «عذاباً»، أي تعذيباً، فهو اسم مصدر أو مصدر على حذف الزوائد ك ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً﴾ [نوح: ١٧]، وقد كتبوا: «أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ» بزيادة ألف بين لام ألف والذال، ولا يجوز أن تُقْرَأ بها، وهذا كما تقدم أنهم كتبوا: ﴿ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ﴾ [التوبة: ٤٧] بزيادة ألف بين لام ألف والواو.
قوله: «أو لَيَأْتِينِّي»، قرأ ابن كثير بنون التوكيد المشددة بعدها نون الوقاية، وهذا هو الأصل، واتبع مع ذلك رسم مصحفه، والباقون بنون مشددة فقط، والأظهر أنها نون التوكيد الشديدة، توُصِّلَ بكسرها لياء المتكلم، وقيل: بل هي نون التوكيد الخفيفة أدغمت في نون الوقاية، وليس بشيء لمخالفة الفعلين قبله، وعيسى بن عمر بنون مشددة مفتوحة لم يصلها بالياء.
فصل
قال المفسرون: معنى الآية: ما للهدهد لا أراه، تقول العرب: مالي أراك كثيباً؟ فقال: ما لي لا أرى الهدهد، على تقدير أنه مع جنوده وهو لا يراه، ثم أدركه الشك في غيبته فقال: أم كان من الغائبين، يعني أكان من الغائبين؟ والميم صلة، وقيل: أم