لما قاله الزمخشري، واعتراف بأن «أل» لا تؤثر في جمع القلة تكثيراً. ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ﴾ أي كامل القدرة لا نهاية لمقدوراته «حَكِيمٌ» كامل العلم لا نهاية لمعلوماته، وهذه الآية على قول عطاء بن يسار مدنية، وعلى قول غيره مكية.
قوله: ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ لما بين كمال قدرته وعلمه ذكر ما يبطل استبعادهم لحشر فقال: ﴿خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾، فقوله: «إِلا كَنَفْسٍ» خبر «مَا خَلْقُكُمْ» والتقدير: إِلا كَخَلْقِ نفس واحدة وبعثها لا يتعذر عليه شيء ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ «سميع» لما يقولون «بصير» بما يعملون فإذا كان قادراً على البعث ومحيطاً بالأقوال والأفعال وجب الاحتراز الكامل، وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل﴾ في النظم وجهان:
الأول: أن الله تعالى لما قال: ﴿ألم تر أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض﴾ على وجه العموم ذكر منها بعض ما فيها على الوجه المخصوص بقوله: ﴿يُولِجُ الليل فِي النهار﴾ وقوله: ﴿وَسَخَّرَ الشمس والقمر﴾ إشارة إلى ما في السموات.
الثاني: أن الله تعالى لما ذكر البعث فكان من الناس من يقوله: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر﴾ [الجاثية: ٢٤] والدهر هو بالليالي والأيام فقال الله تعالى هذه الليالي والأيام التي يَنْسُبون غليها الموت والحياة هي بقدرة الله فقال: ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ثم قال: إن ذلك باختلاف مسير الشمس فتارة تكون القَوْس التي هي فوق الأرض أكبر من التي تحت الأرض فكيون الليل أقصر والنهار أطور وتارة (يكون) العكس (فيكون بالعكس)، وتارة يتساويان (فيتساويان) فقال (تعالى) :﴿وَسَخَّرَ الشمس والقمر﴾ يعني إن كنتم لا تعرفون بأن هذه الأشياء كلها من الله فلا بد من الاعتراف بأنها بأسْرِهَا عائدة إلى الله فالآجال إن كانت بالمدّدِ والمدد يسيِّر الكواكب فسير الكواكب ليس إلا بالله وقدرته.
فصل
قال: «يُولج» بصيغة الفعل المستقبل وقال في الشمس والقمر «وسخَّر» بصيغة الماضي؛ لأن إيلاج الليل في النهار أمر يتجدد كل يوم وتسخير الشمس والقمر أمر مستمر كما قال تعالى: ﴿حتى عَادَ كالعرجون القديم﴾ [يس: ٣٩] وقال ههنا: «إلى أَجَلٍ» وفي