تعظيم بسبب إبرازه في جملة أخرى مضافاً إنزاله إلى المعظم نفسه.
قوله: ﴿فاعبد الله مُخْلِصاً﴾ لما بين أن هذا الكتاب مشتمل على الحق والصدق وأردفه ببيان بعض ما فيه من الحق والصدق وهو أن يشتغل الإنسان بعبادة الله على سبيل الإخلاص فقال: فَاعْبُد اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، فقوله: «مُخْلِصاً لَهُ» حال من فاعل «فاعبدْ» و «الدينَ» منصوب باسم الفاعل، والفاء في «فاعبدْ» للربط، كقولك: «أحْسَنَ إِليكَ فلانٌ فاشْكُرْهُ» والعامة على نصب «الدين» وقرأ ابن أبي عبلة برِفعِهِ وفيه وجهان:
أحدهما: أنه مرفوع بالفاعلية رافعهُ «مخلصاً» وعلى ها فلا بد من تجوز وإضمار، أما التجوز فإسناد الإخلاص للدين وهو لصاحبه في الحقيقة ونظيره قولهم: شِعْرُ شَاعِرٍ، وأما الإضمار فهو إضمارٌ عائد على ذِي الحال، أي مخلصاً له الدين منك، هذا رأي البصريين في مثل هذا، وأما الكوفيون فيجوز أن يكون عندهم «أل» عوضاً عن الضمير أي مُخْلِصاً دينُك.
قال الزمخشري: وحقّ لمن رفعه أن يقرأ مُخْلَصاً - بفتح اللام - لقوله تعالى: ﴿وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ﴾ [النساء: ١٤٦] حتى يطابق قوله: ﴿أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص﴾ والخالِصُ والمُخْلصَ واحد إلا أن يصف الدين بصفة صاحبه على الإسناد المجازي كقولهم: «شِعْرُ شَاعِرٍ».
الثاني: أنْ يتم الكلام على «مُخْلِصاً» وهو حال من فالع «فَاعْبُدْ» و «لَهُ الدِّين» مبتدأ وخبر، وهو قول الفراء وقدر ردَّه الزمخشري وقال: فقد جاء بإعراب رجع به الكلام إلى قولك: لِلّه الدين ألا الله الدين الخالص قال شهاب الدين وهذا الذي ذكره الزمخشري لا يظهر فيه ردٌّ على هذا الإعراب.