الاسم المنصوب أي وأما هديناهم فهديناهم. قالو: لأنها لا يليها الأفعال.

فصل


قال الزمخشري: وقرىء: بضم الثَّاء. قال مجاهد: هديناهم: دعوناهم. وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما بيَّنَّا لهم سبيل الهدى، وقيل: دللناهم على طريق الخير والشر، كقوله ﴿هَدَيْنَاهُ السبيل﴾ [الإنسان: ٣] ﴿فاستحبوا العمى عَلَى الهدى﴾ أي فاختاروا الكفر على الإيمان.
وذكر الزمخشري في تفسير الهدى قوله تعالى: ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] : أن الهدى عبارة عن الدلالة الموصلة إلى البغية، وهذه الآية تبطل قوله لأنها تدل على أن الهدى قد حصل مع أن الإفضاء إلى البغية لم يحصل. (انتهى).

فصل


قالت المعتزلة: دلت هذه الآية على أن الله تعالى ينصب الدلائل ويزيح الأعذار إلا أن الإيمان إنما يحصل من العبد، لأن قوله تعالى: «فَهَديْنَاهُمْ» يدل على أنه تعالى نصب لهم الدلائل، وقوله ﴿فاستحبوا العمى على الهدى﴾ يدل على أنهم من عند أنفسهم أتوا بذلك العمى، وهذا يدل على أن الكفر والإيمان يحصلان من العبد.
والجواب من وجهين:
الأول: أنما صدر عنهم ذلك العمى لأنهم أحبوا تحصيله، فملا وقع في قلوبهم هذه المحبة دون محبة صده، فِإن حصل هذا الترجيح لا لمرجِّح فهو باطل وإن كان لمرجِّح فإن كان المرجِّح هو العبد عاد الطلب، وإن كان المرجح هو الله فقد حصل المطلوب.
الثاني: أنه تعالى قال: ﴿فاستحبوا العمى عَلَى الهدى﴾ ومن المعلوم بالضرورة أن أحداً لا يحب العمى والجهل مع العلم بكونه عمًى وجهلاً بل ما يظنُّ في ذلك العمى والجهل بكونه تبصرةً وعلماً مما يرغب فيه فإقدامه على اختياره على ذلك الجهل الثاني إن كان باختياره لزم التسلسل وهو محال، فلا بد من انتهاء تلك الجهالات إلى


الصفحة التالية
Icon