جهل يحصل فيه لا باختياره وهو المطلوب.
قوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العذاب الهون بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ وصاعقة العذاب أي المهلكة والعذاب الهون أي ذي الهون، أي الهوان وهو الذي يهينهم ﴿بما كانوا يكسبون﴾ من شركهم وتكذيبهم صالحاً.
ثم قال: ﴿وَنَجَّيْنَا الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ﴾ يعني يتقون الأعمال التي كانوا يأتون بها عادٌ وثمودٌ.
فإن قيل: كيف يجوز للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن ينذر قومه مثل صاعقة عادٍ وثمود مع العلم بأن ذلك لا يقع في أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقد صرح الله تعالى بذلك في قوله: ﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: ٣٣] وجاء في الحديث الصحيح أن الله رفع عن هذه الأمة أنواع العذاب؟!.
فالجواب: أنهم لما عرفوا كونهم مشاركين لعادٍ وثمود في استحقاق مثل تلك الصاعقة وأن السبب الموجب للعذاب واحد ربما يكون العذاب النازل بهم من جنس ذلك وإن كان أقل درجة، وهذا القدر يكفي في التخويف.
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى النار﴾ الآية لما بين كيفية عقوبة أولئك لكفار في الدنيا أردفه ببيان كيفية عقوبتهم في الآخرة ليصحل تمام الاعتبار في الزجر والتحذير، فقال: «ويوم يحشر». في العامل في هذا الظرف وجهان:
أحدهما: محذوف دل عليه ما بعده من قوله «فَهُمْ يوزَعُونَ» تقديره: يساقُ الناسُ يَوْمَ يُحْشَر وقدره أبو البقاء يمنعون يوم يحشر.
الثاني: أنه منصوب باذكر، أي اذكر يوم. وقرأ نافع «نَحْشُرُ» بنون العظمة وضم الشين «أَعْدَاءَ» نصباً أي نحشر نحن، والباقون بياء الغيبة مضمومة والشين مفتوحة على ما لم يسم فاعله و «أَعْدَاءُ» رفعاً لقيامه مقام الفاعل.
ووجه الأول أنه معطوف على «وَنَجَّيْنَا» فيحسن أن يكون على وفقه في اللفظ (يقويه) وقوله ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين﴾ [مريم: ٨٥]، ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ﴾ [الكهف: ٤٧].
وحجة الثانية: أن قصة ثمود قد تمت وقوله: «وَيَوْمَ يُحْشَر» ابتداء كلام آخر وأيضاً