فزينوا لهم الباطل، وهذا يدل على أنه تعالى أراد منهم الكفر.
وأجاب الجُبَّائيُّ بأنقال: لو أراد المعاصي لكانوا يفعلها مطيعين؛ لأن الفاعل لما يريده منه غيره يجب أن يكون مطيعاً له. وأجاب ابن الخطيب: بأنهن لو كان من فعل ما أراده غيره مطيعاً له لواجب أن يكون الله مطيعاً لعباده إذا فعل ما أرادوه فهذا إلزام الشيء على نفسه وإن أردت غيره فلا بد من بيانه حتى ينظر فيه هلا يصح أم لا.
قوله: «فِي أُمَمٍ» نصب على الحال من الضمير في «عَلَيْهِمْ» والمعنى كائنين في جملة إُمَمٍ، وهذا كقوّله (شِعْراً) :
٤٣٦٤ - إنّْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَة مَأْ | فُوكاً فَفِي آخَرِين قَدْ اَفِكُوا |
فصل
احتجّ أهل السنة بأنه تعالى أخبر أن هؤلاء حق عليهم القول فلو لم يكونوا كفاراً لا نقلب هذا الخبر الحق باطلاً، وهذا العلم جهلاً، وهذا الخبر الصدق كذباً، وكل ذلك محال، ومستلزم المحال فثبت أن صدور الإيمان وعدم صدور الكفر عنهم محال.
قوله (تعالى) :﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ... ﴾ الآية اعلم أن الكلام ابتداء من قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ﴾ [فصلت: ٥] إلى قوله: ﴿إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ [فصلت: ٥].
وأجاب الله تعالى عن تلك الشبهة واتصل الكلام إلى هذا الموضع، ثم إنه تعالى حكى عنهم شبهة أخرى فقال: ﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ﴾ العامة على فتح الغين وهي تحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون من «لَغِيَ» بالكسر يَلْغَى، وفيها معنيان:
أحدهما: من ألغى إذا تكلم باللغو وهو ما لا فائدة فيه.