الإنذار غير كاظمين، وقال ابن عطية: كاظمين حال مما أبدل منه «إذ القُلُوب» أو مما يضاف إليه القلوب؛ إذ المراد إذ قُلُوب الناس لدى حناجرهم، وهذا كقوله ﴿تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار مُهْطِعِينَ﴾ [إبراهيم: ٤٢، ٤٣] أراد تشخيص فيه أباصرهم قال شهاب الدين: ظاهر قوله أنه حال مما أبدل منه قوله: «إذ القلوب» مشكل؛ لأنه أبدل من قوله: «يَوْم الآزفة» وهذا لا يصح البتَّة، وإنما يريد على الوجه الثاني وهو أن يكون بدلاً من «هُمْ» في أَنْذِرْهُمْ بدل اشتمال وحينئذ يصح، وقد تقدم الكلام على الكظم والحناجر في آل عمران والأحزاب.
فصل
قيل: المراد بقوله ﴿إِذِ القلوب لَدَى الحناجر كَاظِمِينَ﴾ شدة الخوف والفزع ونظيره قوله ﴿وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر﴾ [الأحزاب: ١٠] وقال: ﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ﴾ [الواقعة: ٨٣ و٨٤]. وقال الحسن: القلوب تنتزع من الصدور لشدة الخوف وبلغت القلوب الحناجر فلا هي تخرج فيموتوا ولا ترجع إلى مواقعها فيتنفّسوا ويَتَرَّوَحُوا، وقوله: (كاظمين) أي مكروبين، والكاظم الساكت حال امتلائه غماً وغيضاً والمعنى أنهم لا يمكنهم أن ينطقوا وأن يشرحوا ما عندهم من الخوف والحزن وذلك يوجب مزيد القلق والاضطراب.
قوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ﴾ قريب ينفعهم ﴿وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ فيشفع لهم. وقوله «يُطَاعُ» يجوز أن يحكم على موضعه بالجر نعتاً على اللفظ، وبالرَّفع نعتاً على المحل لأنه معطوف على المجرور بمن المزيدة، وقوله ﴿ولا شفيع يطاع﴾ من باب:
٤٣٢٧ - عَلَى لاَ حِبٍ لا يُهْتَدَى بمَنَارِهِ.................................