فصل
قال أبو عبيدة: معنى «وَزَوَّجْنَاهُمْ» أي جعلناهم أزواجاً، كما يزوج النَّعْلُ بالنَّعْلِ أي جَعَلْنَاهُمْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. واختلفوا في هذا اللفظ هل يدل على حصول عقد التزويج أم لا؟ فقال يونس: قوله تعالى: ﴿وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ﴾ قَرَنَّاهُمْ بِهِنَّ وليس من عقد التزويج، والعرب لا تقول: تَزَوَّجْتُ بِهَا، وإنَّما تقول: تَزَوَّجْتُهَا. وقال الواحديُّ: (رَحِمَهُ اللَّهُ) : والتنزيلم نزل على ما قال يونس، وذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧] ولو كان المراد تَزَوَّجْتُ بِهَا لقال: زَوَّجْنَاكَ بِهَا.
فصل
قال الواحدي: وأصل الحور البَيَاض، والتَّحْوير التبييض، وقد تقدم في تفسير الحَوَارِيِّينَ. وعين حوراء إذا اشتدَّ بَيَاضُ بَيَاضِهَا، واشْتَدَّ سَوَادُ سَوَادِهَا، ولا تسمى المرأة حَوْرَاءَ حتى يكون حَوَرُ عَيْنَيْهَا بَيْضَاء في لَوْن الجَسَد. وأما العِينشُ فجمع عَيْنَاءَ، وهي التي تكون عظيمةً العَيْنَيْنِ من النِّسَاء وَاسِعَتَهُمَا.
قوله: «يَدْعُونَ فِيهَا» حال من مفعول «زَوَّجْنَاهُمْ» ومفعوله محذوف، أي يدعون الخَدَمَ بكُلّ فَاكِهَةٍ وقوله: «آمِنِينَ» يجوز أن تكون حَالاً ثانيةً، وأن تكون حالاً من فالع «يَدْعُونَ» فتكون حالاً مُتَدَاخِلَةً ومعنى «آمنين» أي من نِفَارِهَا ومِنْ «مَ» ضَرَّتِهَا.
وقال قتادة: آمنين من الموت، والأوْصَاب، والشَّيْطَان.
قوله: «لاَ يَذُوقُونَ» يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «آمِنِينَ» وأن يكون حالاً ثالثةً أو ثانيةً من مفعول «وزَوَّجْنَاهُمْ»، و «آمِنينَ» حال من فاعل «يَدْعُونَ» كما تقدم، أو صفة «لآمِنينَ» أو مستأنف. وقرأ عَمرُو بنُ عُبَيْد: لاَ يُذَاقُونَ مبنياً للمفعول.