تعريفاً وتنكيراً وهو عكس هذا، فإن الذي نحن فيه الثاني نكرة، والأول معرفة.
قوله ﴿مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ﴾ يجوز في «من عاصم» أن يكون فاعلا بالجار، لاعتماده على النفي، وأن يكون مبتدأ أو من مزيدة على كلا التقديرين، ومن الله متعلق بعَاصِمٍ.
فصل
أجمع المفسرون على أن يوم التنادي (هو) يوم القيامة وفي تسميته بهذا الاسم وجوه:
قيل: لأن أهل النار ينادون أصحابَ الجنة، وأصحاب الجنة ينادون أصحابَ النار كما حكى الله عنهم.
وقال الزجاج: هو قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١].
وقيل: ينادي بعضُ الظالمينَ بعضاً بالويْل والثُّبُور، فيقولون: يَا وَيْلَنَا. وقيل: يُنَادَوْنَ إلى المحشر وقيل ينادي المؤمن: هَاؤُم اقْرَأُوا كِتَابِيَهْ، والكافر: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وقيل: ينادى باللَّعَنةِ على الظالمين، وقيل: يجاء بالموت على صورة كبش أملح ثم يذبح بين الجنة والنار، ثم ينادى يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت، وقيل: ينادى بالسعادة والشقاوة ألا إنَّ فلان بان فلان سِعِدَ سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وفلان بان فلان شقي شقاوة فلا يسعد بعدها أبداً.
وقوله: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾. قال الضحاك: إذا سمعوا زفيرَ النار نَدُّوا هرباً فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفاً فيرجعون إلى مكانهم فذلك قوله: ﴿والملك على أَرْجَآئِهَآ﴾ [الحاقة: ١٧] وقوله: ﴿يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا﴾ [الرحمن: ٣٣]. قال مجاهد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: فارِّينَ عن النار غير معجزين، ثم أكد التهديد فقال: ﴿مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ﴾ يعصمكم من عذابه، ثم نبه على قوة ضلالتهم وشدة جهالتهم فقال ﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾.