للحاجة، فالله تعالى كذبهم في قولهخم: آمنّا على الوجه الأوَّل أي ما آمنتم أصلاً، ولم يصدقهم في الإسلام على الوجه الثاني فإنهنم انقادوا للحاجة وأخذ الصدقة.
فصل
لما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَحْلِفُون بالله أنهم مؤمنون صادقون وعرف الله غير ذلك منهم فنزل الله: ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ الله بِدِينِكُمْ﴾، والتعليم ههنا بمعنى الإعْلام فلذلك قال: بِدِينكم، أدخل الباء فيه؛ لأنه منقول بالتضعيف من علمت به بمعنى شعرت به فلذلك تعدت لواحد بنفسها، ولآخر بالباء.
والمعنى لا تعرفوا الله بدينكم فإنه عالم به لا يخفى عليه شيء، لأنه يعلم ما في السموات وما في الأرض، ﴿والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ لا يحتاج إلى إخباركم.
قوله (تعالى) :﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ﴾ يجوزم في قوله: أَنْ أَسْلَمُوا وجهان:
أحدهما: أنه مفعول به لأنّه ضمن يمنون معنى يُعِيدُونَ كأنه قيل: يعيدون عليك إسلامهم مانِّين به عليك ولهذا صرح بالمفعول به في قوله: ﴿قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ﴾ أي لا تُعيدوا عليَّ إسلامكم. كذا استدل أبو حَيَّان.
وفيه نظر، إذ لقائل أن يقول: لا نسلم انتصاب «إِسْلاَمَكُمْ» على المفعول به، بل يجوز فيه المفعول من أجله كما يجوز في محل «أَنْ أَسْلَمُوا» وهو الوجه الثاني فيه أي يمنون عليك لأجل أن أَسْلَمُوا فكذلك في قوله: ﴿لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ﴾، وشروط النصب موجودة والمفعول له متى كان مضافاً اسْتَوَى جرّه بالحرف ونصبه.
قوله: ﴿بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ﴾ يعني لا مِنَّةَ لَكُمْ عَلَيْنَا أَصْلاً، بل المنة عليكم حيث بينْتُ لكم الطرق المستقيم.
قوله: ﴿أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ﴾ أعرابه كقوله: «أن أَسْلَمُوا». وقرأ زيد بن علي: إِذْ هَدَاكُمْ بِإِذْ مَكَانَ «أنْ» وهي في مصحف عبد الله كذلك. وهي تفيد التعليل، وجواب