قال القُتَيْبِيّ: أي يحكمون والكِتَاب الْحُكم قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للرجلين اللذين تخاصما إليه: أقضي بينكما بكِتَاب الله أي بحُكْمِ الله.
وقال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) - معناه: أم عِنْدهُمُ اللَّوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويُخْبِرُون الناس به.
والألف واللام في ﴿الغيب﴾ لا للْعَهْد ولا لتعريف الجنس بل المراد نوع الغيب، كما تقول: اشْتَرِ اللَّحْمَ تريد بيان الحقيقة لا كلّ لحم ولا لحماً معيناً.
قوله ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً﴾ أي مكراً بك ﴿فالذين كَفَرُواْ هُمُ المكيدون﴾ أي المَخْزِيُّونَ بِكَيْدِهِمْ، أي إن ضَرَرَ ذلك يعود عليهم ويحيق مكرهم بهم لأنهم مكروا به في دَار الندوة فقُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ.
فصل
وجه التعلق إذا قيل بأن قوله: ﴿أَمْ عِندَهُمُ الغيب﴾ متصل بقوله تعالى: ﴿نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون﴾ فالمعنى أنهم لما قالوا: نتربص به ريب المنون قيل لهم: أتعلمون الغيب فتعلمون أنه يموت قبلكم أَمْ تُرِيدُون كيداً فتقولون نقتله فيموت فقيل لهم: إن كنتم تدعون الغيب فأنتم كاذبون وإن كنتم تظنُّون أنّكم تقدرون عليه فأنتم غالِطُون فإن الله يَصُونُه ويَنْصُره عليكم.
وإن قيل بأن المراد أنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لا يسألكم عن الهداية مالاً وأنتم لا تعلمون ما جاء به لكونه من الغُيُوبِ ففي المراد بقوله: ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً﴾ وجهان:
الأول: أن المعنى أم يريدون أي من الشيطان فكأنه تعالى قال: أنتَ لا تَسْألهم أجراً وهم لا يعلمون الغيب فهم محتاجون إليك وأعرضوا فقد اختاروا كَيْدَ الشيطان، وارتَضَوْا بإزاغَتِهِ.
والإرادة بمعنى الاختيار كقوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة﴾ [الشورى: ٢٠] وقوله: ﴿أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ﴾ [الصافات: ٨٦] وقوله: ﴿إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [المائدة: ٢٩].
الثاني: أن المراد أم يريدون كيداً، فهو واصل إليهم وهم عن قريب مكيدونَ والمعنى