وأنشد: [الطويل]
٤٦٧٢ - وجَاءَتْ إليْهِمْ ثُلَّةٌ خِندفيَّةٌ... بِجَيْشٍ كتيَّارٍ من البَحْرِ مُزْبدِ
ولم يقيدها غيره، بل صرح بأنها الجماعة قلّت أو كثرت.
وقال الرَّاغب: الثلّة: قطعة مجتمعة من الصُّوف؛ ولذلك قيل للمقيم: «ثَلَّة» يعني بفتح الثَّاء.
ومنه قوله: [الرجز]
٤٦٧٣ - أمْرَعَتِ الأرْضُ لَوْ انّ مالا... لوْ أنَّ نُوقاً لَكَ أو جِمَالا
أوْ ثلَّةً مِنْ غَنَمٍ إمَّا لا... انتهى.
ثم قال: «ولاعتبار الاجتماع، قيل: ﴿ثلّة من الأولين، وثلّة من الآخرين﴾ أي جماعة، وثللت كذا: تناولت ثلّة منه، وثلَّ عرشُه: أسقط ثلّة منه والثّلل: قصر الأسنان لسقوط ثلَّة منها، وأثل فمُه: سقطت، وتَثَلَّلَتِ الرُّكبَة: تَهَدَّمت» انتهى.
فقد أطلق أنها الجماعة من غير قيد بقلّة ولا بكثرة. والكثرة التي فهمها الزمخشري قد تكون من السياق.
وقال الزجاج: الثلّة: الفرقة.
و «مِنَ الأوَّلِينَ» صفة ل «ثُلَّة»، وكذلك «من الآخرين» صفة ل «قَلِيل».
فصل في المراد بقوله: ثلّة من الأوّلين
قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين﴾. أي جماعة من الأمم الماضية.
﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين﴾ أي: ممن آمن بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال الحسن: «ثُلَّةٌ» ممن قد مضى قبل هذه الأمة، «وقليلٌ» من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اللهم اجعلنا منهم بكرمك.
وسموا قليلاً بالإضافة إلى من كان قبلهم؛ لأن الأنبياء المتقدمين كثروا، فكثر السابقون إلى الإيمان بهم، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا.