و «اليَحْمُوم» : قيل: هو الدُّخان الأسود البهيم.
وقيل: هو وادٍ في جهنم.
وقيل: اسم من أسمائها. والأول أظهر.
وقيل: إنه الظُّلمة، وأصله من الحمم، وهو الفَحْم، فكأنه لسواده فحم، فسمي باسم مشتق منه، وزيادة الحرف فيه لزيادة ذلك المعنى فيه، وربما تكون الزيادة فيه جامعة بين الزيادة في سواده، والزيادة في حرارته.
قال ابن الخطيب: وفي الأمور الثلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائماً؛ لأنهم إن تعرَّضوا لمهبّ الهواء أصابهم السَّمُوم، وإن استكنُّوا كما يفعله الذي يدفع عن نفسه السموم بالاستكنان في الكِنِّ يكون في ظل من يحموم، وإن أراد التبرُّد بالماء من حرّ السموم يكون الماء من حميم، فلا انفكاك له من العذاب، أو يقال: إنَّ السموم يعذبه فيعطش، وتلتهب نار السَّموم في أحشائه، فيشرب الماء، فيقطع أمعاءهُ، فيريد الاستظلال بظلّ، فيكون ذلك الظلّ ظل اليَحْمُوم.
وذكر السموم دون الحميم دون النَّار تنبيهاً بالأدنى على الأعلى، كأنه قيل: أبرد الأشياء في الدنيا حارّ عندهم فكيف أحرها.
قال الضَّحاك: النار سوداء، وأهلها سُود، وكل ما فيها أسود.
قوله: ﴿لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ﴾ صفتان للظلّ، كقوله: «مِنْ يَحْمُومٍ».
وفيه أنه قدم غير الصريحة على الصريحة، فالأولى أن تجعل صفة ل «يحموم»، وإن كان السياق يرشد إلى الأول.
وقرأ ابن أبي عبلة: ﴿لا بَارِدٌ ولا كريمٌ﴾ برفعهما: أي: «هُوَ لا بَارِدٌ».
كقوله: [الكامل]
٤٦٩٢ -.......................... فَأبِيتُ لا حَرجٌ ولا مَحْرُومُ
قال الضَّحاك: «لا بَارِدٍ» بل حار؛ لأنه من دخان سعير جهنم، «ولا كَرِيم» عذب.
وقال سعيد بن المسيّب: ولا حسن منظره، وكل ما لا خير فيه، فليس بكريم.
وقيل: ﴿وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ﴾ أي: من النَّار يعذبون بها كقوله تعالى: ﴿لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النار وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر: ١٦].