ذلك سبباً في أنه لم يبق لهم عُذْر في ترك الإيمان بعد ذلك، وأخذ الميثاق وقت إخراجهم من ظهر آدم غير معلوم للقوم إلاَّ بقول الرسول.
فقبل معرفة تصديق الرسول لا يكون ذلك سبباً في وجوب تصديق الرسول بل المراد بأخذ الميثاق نصب الدلائل والبينات، بأن ركب فيهم العقول، وأقام عليهم الحُجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرَّسُول، وهذا معلوم لكل أحد، فيكون سبباً لوجوب الإيمان بالرسول.
فصل في حصول الإيمان بالعبد.
قال القاضي: قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ﴾ يدل على قدرتهم على الإيمان، إذ لا يجوز أن يقال ذلك لمن لا يتمكن من الفعل كما لا يقال: ما لك لا تطول ولا تبيض، فيدل هذا على أن الاستطاعة قبل الفعل، وعلى أن القدرة صالحة للضدين، وعلى أن الإيمان حصل بالعبد لا بخلق الله.
قوله: ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ أي: إذْ كنتم مؤمنين.
وقيل: إن كنتم مؤمنين بالحجج والدليل.
وقيل: إن كنتم مؤمنين بحق يوماً من الأيام، فالآن فقد صحت براهينه.
وقيل: إن كنتم مؤمنين بأن الله خلقكم كانوا يعترفون بهذا.
وقيل: هذا خطاب لقوم آمنوا، وأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ميثاقهم فارتدوا.
وقوله: ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ أي: كنتم تقرُّون بشرائط الإيمان.
قوله تعالى: ﴿هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ﴾.
تقدمت قراءتا «يُنْزِلُ» تخفيفاً وتشديداً في «البقرة».
وزيد بن علي: «أنْزَلَ» ماضياً.