وهي «البُويرة»، فنزل: ﴿مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً على أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ الله﴾ أخبر في هذه الآية أن ما قطعوه وما تركوه «فبإذْنِ الله» أي: بأمره ﴿وَلِيُخْزِيَ الفاسقين﴾.
و «اللام» في «ليخزي» متعلقة بمحذوف أي: أذن في قطعها ليسرَّ المؤمنين ويعزهم ويخزي الفاسقين.
فصل في هدم حصون الكفار
احتجُّوا بهذه الآية على أنَّ حصون الكفرة وديارهُم يجوز هدمُهَا وتحريقُهَا وتغريقها وأن ترمى بالمجانيق وكذلك أشجارهم.
وعن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنهم قطعوا منها ما كان موضعاً للقتال.
وروي أن رجلين كانا يقطعان أحدهما العجوة والآخر اللون، فسألهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال هذا: تركتها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقال الآخر: قطعتها غيظاً على الكُفَّار.
واستدلوا به على جواز الاجتهاد بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
قال الماوردي رَحِمَهُ اللَّهُ: في هذه الآية دليل على أن كل مجتهد مصيب.
وقال إلكيا الطبري: وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بين أظهرهم، ولا شكَّ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى ذلك وسكت، فتلقوا الحكم من تقريره فقط.
قال ابن العربي: وهذا باطل لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان معهم، ولا اجتهاد مع حضور النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإنما يدل على اجتهاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيما لم ينزل عليه أخذاً بعموم الأذية للكفار، ودخولاً في الإذْنِ للكل فيما يقضي عليهم بالبوارِ، وذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَلِيُخْزِيَ الفاسقين﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ﴾ الآية.
قال المبرد: «يقال: أفاء يفيء، إذا رجع، وأفاء الله، إذا رده».
وقال الأزهري: «الفَيْء: ما رده الله على أهل دينه من أموالٍ بلا قتالٍ إما بأن