وقيل: التابعون لهم بإحسان، ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة.
قال ابن أبي ليلى: الناس على ثلاثة منازل: الأولى منازل المهاجرين، والثانية هي: الذين تبوءوا الدار والإيمان، والثالثة: والذين جاءوا من بعدهم، فاجتهد ألاَّ تخرج من هذه المنازل.
وقال بعضهم: كن مهاجراً، فإن قلت: لا أجد، فكن أنصارياً، فإن لم تجد فاعمل كأعمالهم، فإن لم تستطع فأحبَّهم، واستغفر لهم كما أمرك الله.
وقال مصعب بن سعد: الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت منزلة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدِّه، أنه جاءه رجل فقال: يا ابن بنت رسول الله ما تقول في عثمان؟ فقال له: يا ابن أخي أنت من قوم قال الله فيهم ﴿لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ﴾ ؟ [الحشر: ٨] الآية، قال: لا، قال: فأنت من قوم قال الله فيهم: ﴿والذين تَبَوَّءُو الدار والإيمان﴾ ؟ [الحشر: ٩] الآية، قال: لا، قال: فوالله لئن لم تكن من أهل الآية الثالثة لتخرجن من الإسلام، وهي قوله تعالى: ﴿والذين جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذين سَبَقُونَا بالإيمان﴾.
وروي أن نفراً من أهل «العراق» جاءوا إلى محمد بن علي بن الحسين فسبُّوا أبا بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - فأكثروا، فقال لهم: أمن المهاجرين الأولين أنتم؟ قالوا: لا، قال: أفمن الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم؟، قالوا: لا، قال: فقد تبرأتم من هذين الفريقين، أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم: ﴿والذين جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذين سَبَقُونَا بالإيمان وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ﴾، قوموا قد فعل الله بكم وفعل. ذكره النحاس.
فصل في وجوب محبة الصحابة
هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - لأنه جعل لمن بعدهم حظًّا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم، والاستغفار لهم، ومن أبغضهم أو واحداً منهم، أو اعتقد فيه شرًّا أنه لا حقَّ له في الفيء.
قال مالك: من كان يبغضُ أحداً من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وكان في قلبه لهم غلّ فليس له حق في فيء المسلمين، ثم قرأ: ﴿والذين جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ﴾.