يعد عِدَاتاً ويخلفها: إلى متى هذا الإخلاف؟ فيغضب ويقول: إلى أَشْأَمِ يَوْمٍ عليك، فالكلامان في صورة سؤال وجواب، ولا يريد بالأول السؤال، ولا الثاني يريد به الجواب، فكذلك ههنا قال: ﴿يوم هم على النار يفتنون﴾ مقابلة لاستهزائهم بالإيعَادِ لا على وجه الإِتيان بالبَيَان.
الثاني: أن يكون «ذلك» ابتداء كلام تمامه (في قوله: «ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ» ).
فإن قيل: هذا يفضي إلى الإضمار!.
فالجواب: أن الإضمار لا بد منه؛ لأن قوله: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ غيرُ متصل بما قبله إلا بإِضمار يقال.
قوله: «ذُوقُوا» يقال لهم ذُوقُوا و ﴿هذا الذي كُنتُمْ﴾ مبتدأ وخبر «هذا» هو الظاهر. وجوَّز الزمخشري أن يكون «هذا» بدلاً من «فِتْنَتَكُمْ» ؛ لأنها بمعنى العذاب، ومعنى فتنتكم عذابكم ﴿هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ في الدنيا تكذيباً به، وهو قولهم: ﴿رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾ [ص: ١٦] وقولهم: ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ﴾ [هود: ٣٢] ونظائره، وقوله: ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدين﴾ فإنه نوع استعجالٍ بالقول. ويحتمل أن يكون المراد الاستعجال بالفعل وهو إصرارهم على العناد، وإظهار الفساد، فإنه يعجل العقوبة.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ لما بين حال المجرمين بين بعده حال المتقين، والمتقي له مقامات، أدناها أن يتقي الشرك، وأدناها أن يتقي ما سِوَى الله، وأدنى دَرَجَات المُتقِي الجنة فما من أحد اجتنب الكفر إلا ويدخل الجنة.
قوله: «آخِذِينَ» حال من الضمير في قوله: «جَنَّاتٍ» و «مَا آتَاهُمْ» يعني مما في الجنة فيكون حالاً حقيقية، وقيل: مَا آتاهُمُ من أوامره ونواهيه فيكون في الدنيا فتكون حالاً محكيةً، لاختلاف الزمانين.


الصفحة التالية
Icon