قوله تعالى: ﴿فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ﴾ قيل: لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان، وإنما هو كقول القائل: أقبل يَشْتُمُنِي بمعنى أخذ في شَتْمِي، أي أخذت تُوَلْوِلُ، لقوله: ﴿قَالَتْ ياويلتى﴾ [هود: ٧٢]، وذلك أنها كانت مع زوجها في خدمتهم، فلما تكلموا مع زوجها بولادتها استحت وأعرضت عنهم، فذكر الله تعالى ذلك بلفظ الإقبال على الأهل، ولم يقل بلفظ الإدبار عن الملائكة.
قوله: «فِي صَرَّةٍ» يجوز أن يكون حالاً من الفاعل أي كائنةً في صَرَّة. والصَّرة قيل: الصيحة، قال امرؤ القيس:
٤٥٢٧ - فَأَلْحَقْنَا بِالْهَادِيَاتِ وَدُونَهُ | جَوَاحِرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ |
ويحتمل أن يقال: تلك الصيحة كانت بقولها: يَا وَيْلَتَا، ومحلّها النصب على الحال أي فجاءت صارةً.
ويجوز أن يتعلق ب «أَقْبَلَتْ» أي أقبلت في جماعة نسوةٍ كُنَّ معها، والصَّرة الجماعة من النساء.
قوله: «فَصَكَّتْ وَجْهَهَا» قال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) -: فلطمت وَجْهَهَا. واختلف في صفته فقيل: هو الضرب باليد مبسوطةً. وقيل: بل ضرب الوجه بأطرافِ الأصابع فعل المتعجِّب، وهو عادة النساء إذا أنكرنَ شيئاً. وأصل الصكّ ضرب الشيء بالشيء العَريض.
قوله: «عَجُوزٌ» خبر مبتدأ مضمر أي أنا عجوزٌ عقيمٌ فكيف ألد؟ وتفسرها الآية الأخرى، فاستبعدت ذلك ظنًّا منها أن ذلك منهم على سبيل الدعاء، فكأنها قالت: يا ليتكم دعوتم دعاء قريباً من الإجابة، فأجابوها بأن ذلك من الله تعالى، وأن هذا ليس