عدواً بفعله، فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدواً ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد والطاعة.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ فِي طريقِ الإيمانِ، فقَال لَهُ: أتُؤمِنُ وتَذَرُ دينكَ ودينَ أهْلكَ ومالكَ فخالفه فآمن، ثم قعد له على طريق الهجرة، فقال له: أتهاجر وتترك أهلك فَخالفَهُ وهاجَرَ، ثُمَّ قَعدَ لَهُ على طريقِ الجهادِ، فقَالَ لَهُ: أتُجَاهدُ فتَقْتُلَ نَفْسَك فتنُكَحَ نِسَاؤكَ ويُقسَّم مالك فخَالفَهُ فَجَاهَدَ فقُتِلَ فحقٌّ على اللَّهِ أن يُدْخِله الجَنَّة».
وقعود الشَّيطان يكون بوجهين:
أحدهما: أن يكون بالوسوسة.
والثاني: أن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب، فقال تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [فصلت: ٢٥]، وفي حكمة عيسى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: من اتخذ أهلاً ومالاً وولداً كان في الدنيا عبداً.
وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «تَعِسَ عَبدُ الدِّينارِ، تَعِسَ عبدُ الدِّرهَمِ، تعِسَ عبْدُ الخَميصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ القَطِيفَة»، ولا دَنَاءَةَ أعْظَمُ مِنْ عبادَة الدِّينار والدِّرهم، ولا همَّة أخسُّ من همَّة تَرْتَفِعُ بثَوبٍ جَديدٍ.
واعلم أن قوله: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ يدخل فيه الذكر والأنثى، فكما أن الرجل تكون زوجته وولده عدوّاً له، كذلك المرأة يكون زوجها عدوّاً لها بهذا المعنى.
قوله: ﴿فاحذروهم﴾. أي: فاحذروهم على أنفسكم، والحذر على النفس يكون بوجهين: إما لضرر في البدنِ، أو لضررٍ في الدين، وضرر البدن يتعلق بالدنيا، وضرر الدين يتعلق بالآخرة، فحذر الله تعالى العبد من ذلك.
قال ابن الخطيب: وقيل: أعلم الله تعالى أن الأموال والأولاد من جملة ما تقع به الفتنة، وهذا عام يعم جميع الأولاد، فإن الإنسان مفتون بولده، فإنه ربما عصى الله تعالى بسببه وباشر الفعل الحرام لأجله كغصب مال الغير وغيره.
قوله: ﴿وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.