روى الطَّبري عن عكرمة في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم﴾. قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيقول أهله: أين تذهب وتدعنا؟.
قال: فإذا أسلم وفَقُهَ قال: لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلن ولأفعلن. قال: فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
وقال مجاهد في هذه الآية: ما عادوهم في الدنيا، ولكن حملتهم مودتهم لهم على أن اتخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم.
والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد، وخصوص السبب لا يمنع عموم الحكم.
قوله: ﴿إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾.
أي: بلاء واختبار يحملكم على كسب الحرام ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوهم في معصية الله.
وفي الحديث: «يُؤتى بِرَجُلٍ يوم القِيامَةِ، فيُقال: أكَلَ عياله حَسَنَاته».
وقال بعض السلف: العيال سوس الطاعات.
وقال ابن مسعود: لا يقولن أحدكم، اللهم اعصمني من الفتنة، فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال ولا ولد إلا وهو مشتمل على فتنةٍ، ولكن ليقل: اللهم إني أعوذ بك من مُضلاّت الفتن.
وقال الحسنُ في قوله تعالى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾، أدخل «من» للتبعيض؛ لأن كلهم ليسوا بأعداء، ولم يذكر من في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ ؛ لأنهما لا يخلوان من الفتنة، واشتغال القلب بهما.
روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يخطب، فجاء الحسن والحُسَين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله - عَزَّ وَجَلَّ -:


الصفحة التالية
Icon