الزوجات داخلة فيه بالإلحاق، لأن الزوج يُحْصِي ليراجع، وينفق أو يقطع، وليسكن أو يخرج، وليلحق نسبه أو يقطع، وهذه أمور كلها مشتركة بينه وبين المرأة، وتنفرد المرأة دونه بغير ذلك وكذلك الحاكم يفتقر إلى إحصاء العدة للفَتْوَى عليها، وفصل الخصومة عند المنازعة، وهذه فوائد الأمر بإحصاء العدّة.
قوله: ﴿واتقوا الله رَبَّكُمْ﴾. أي: لا تعصوه.
﴿لا تخرجوهنَّ من بيوتهنَّ﴾. أي: ليس للزَّوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدّة، ولا يجوز لها الخروج أيضاً لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثِمَتْ، ولا تنقطع العدّة.
فإن قيل: ما الحِكمةُ في قوله تعالى: ﴿واتقوا الله رَبَّكُمْ﴾ ولم يقتصر على قوله ﴿واتقوا الله﴾ ؟.
فالجواب: إن في هذا من المبالغة ما ليس في ذاك، فإن لفظ الرَّبِّ يفهم منه التربية، وينبه على كثرة الإنعام بوجوه كثيرة، فيبالغون في التَّقوى حينئذ خوفاً من فوت تلك التربية.

فصل في الرجعية والمبتوتة.


والرجعية والمبتوتة في هذا سواء، وذلك لصيانة ماء الرجل، وهذا معنى إضافة البيوت إليهن، كقوله تعالى: ﴿واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٢٤]، وقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣] فهو إضافة إسكان لا إضافة تمليك، وقوله ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ﴾ يقتضي أن يكون حقًّا على الأزواج، وقوله: ﴿ولا يخرجن﴾ يقتضي أنه حق على الزوجات، فلا يجوز لها أن تخرج ما لم تنقض عدتها، فإن خرجت لغير ضرورة أو حاجة أثمت، فإن وقعت ضرورة أو خافت هدماً أو غرقاً، فلها أن تخرج إلى منزل آخر، وكذلك إن كانت لها حاجة من بيع غَزْل أو شراء قطن، فيجوز لها الخروج نهاراً ولا يجوز ليلاً؛ فإن رجالاً استشهدوا ب «أحد»، فقالت نساؤهم: نستوحش في بيوتنا فإذِنَ لهن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يتحدثن عند إحداهن، فإذا كان وقت الليل تأوي كل امرأة إلى بيتها.
وأذن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لخالة جابر لما طلقها زوجها أن تخرج لجداد نخلها.
وإذا لزمتها العدة في السفر تعتد ذاهبة وجائية، والبدوية تَنْتَوي حيث يَنْتَوي أهلها في العدة، لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم.


الصفحة التالية
Icon