وقال جعفر الصادق: هو نهر من أنهار الجنَّة يقال له: نون.
وقيل: هو الحرف المعروف من حروف المعجم، قاله القشيري.
قال: لأنه حرف لم يعرب فلو كان كلمة تامة أعرب به القلمُ، فهو إذن حرف هجاء، كما في أوائل السور.
قال الزمخشريُّ: «وأما قولهم: هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي، أو شرعي، ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة من أن يكون جنساً، أو علماً، فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوينُ وإن كان علماً فأين الإعراب؟ وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام؛ لأنك إذا جعلته مقسماً به وجب إن كان جنساً أن تجره وتنونه، ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة، كأنه قيل: ودواة والقلم، وإن كان علماً أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه للعلمية والتأنيث، وكذلك التفسير بالحوت إما أن يراد نون من النينان، أو يجعل علماً للبهموت الذي يزعمون، والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنَّة نحو ذلك».
قال شهاب الدين: «وهذا الذي أورده أبو القاسم من محاسن علم الإعراب، وقلَّ من يتقنه».
وقال ابن الخطيب بعد ذكر القول بأنه آخر حروف اسم الرحمن: وهذا ضعيف، لأن تجويزه يفتح باب ترهات الباطنية بل الحق هاهنا أنه اسم للسورة، أو يكون الغرض منه التحدي، وسائر الوجوه المذكورة في أول سورة البقرة.
فصل في قراءات «ن»
قرأ العامة: «نُونْ» ساكن النون كنظائره.
وأدغم ابن عامر والكسائي وأبو بكر عن عاصم بلا خلاف، وورش بخلاف عنه النون في الواو، وأظهرها الباقون.
قال الفراء: «وإظهارها أعجب إليَّ، لأنها هجاء، والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل» ونقل عمن أدغم الغنَّة، وعدمها.
وقرأ ابن عباس والحسن وأبو السِّمال وابن أبي إسحاقَ: بكسر النون.