أي: لا يقطع، يصف كلاباً ضارية، ونظيره قوله تعالى ﴿غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨]، وقال مجاهد ومقاتل والكلبي: «غَيْرَ مَمْنُونٍ» أي: غير محسوب عليك، قالت المعتزلة: لأنك تستوجبه على [عملك]، وجوابهم: إن حملهم على هذا يقتضي التكرار، لأن قوله «أجراً» يفيده، وقال الحسنُ: غير مكدر بالمن.
وقال الضحاك: أجراً بغير عمل، واختلفوا في هذا الأجرِ على أي شيء حصل؟ فقيل: معناه إن لك على احتمال هذا الطعن، والقول القبيح أجراً عظيماً دائماً.
وقيل: إن لك في إظهار النبوةِ، والمعجزات في دعاء الخلق إلى الله تعالى وفي بيان الشرع لهم هذا الأجر الخالص الدائم فلا يمنعك نسبتهم إياك إلى الجنون عن الاشتغال بهذا المهم العظيم فإن لك بسببه المنزلةَ العالية.
الصفة الثالثة: قوله: ﴿وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.
قال ابن عباس ومجاهدٌ: «على خُلقٍ» على دين عظيمٍ من الأديان، ليس دين أحب إلى الله، ولا أرضى عنده منه.
وروى مسلم عن عائشة: أن خلقه كان القرآن.
وقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: هو أدب القرآن.
وقيل: رفقه بأمته، وإكرامه إياهم.
وقال قتادة: هو ما كان يأتمر به من أمر اللَّهِ، وينتهي عنه مما نهى الله عنه.
وقيل: إنَّك على طبع كريم.
وقال الماوردي: حقِيقَةُ الخُلقِ في اللُّغةِ ما يأخذُ بِهِ الإنسانُ في نفْسِهِ من الأدبِ