مال وبنين تطيعه، ويجوز أن يكون التقدير: لأن كان ذا مال وبنين يكفر ويستكبر، ودل عليه ما تقدم من الكلامِ، فصار كالمذكور بعد الاستفهام، ومن قرأ «أن كَانَ» بغير استفهام، فهو مفعول من أجله، والعامل فيه فعل مضمر والتقدير: يكفر لأن كان ذا مال وبنين، ودل على هذا الفعل: ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين﴾ ولا يعمل في «أن» :«تُتْلَى» ولا «قَالَ»، لأن ما بعد «إذَا» لا يعمل فيما قبلها؛ لأن «إذَا» تضاف إلى الجمل التي بعدها، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف و «قال» جواب الجزاء، ولا يعمل فيما قبل الجزاء، إذ حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط، فيكون مقدماً مؤخراً في حالة واحدةٍ، ويجوز أن يكون المعنى: لا تطعه لأن كان ذا يسار وعدد.
قال ابن الأنباريُّ: ومن قرأ بلا استفهام لم يحسن أن يقف على «زَنيمٍ» لأن المعنى: لأن كان ذا مالٍ كان، ف «أنْ» متعلقة بما قبلها.
وقال غيره: يجوز أن يتعلق بقوله «مشَّاءٍ بنمِيمٍ»، والتقدير: يمشي بنميم، لأن كان ذا مال وبنين، وأجاز أبو علي أن يتعلق ب «عُتُلٍّ» ومعنى «أسَاطيرُ الأوَّليْنَ» أباطيلهم، وتُرهاتُهُم.
قوله: «سَنَسِمُهُ». أي: نجعل له سمة، أي: علامة يعرف بها.
قال جرير: [الكامل]
٤٨١٨ - لمَّا وضَعْتُ عَلى الفَرَزْدَقِ مِيسَمِي
وعَلَى البَعيثِ جَدَعْتُ أنْفَ الأخْطَلِ
والخرطوم: الأنف، وهو هنا عبارة عن الوجه كله من التعبير عن الكل بالجزء؛ لأنه أظهر ما فيه وأعلاه، والخرطوم أيضاً: الخمر، وكأنه استعاره لها لأن الشنتمري قال: هي الخمر أول ما يخرج من الدَّن؛ فجعلت كالأنف لأنه أول ما يبدو من الوجه فليست الخرطومُ الوجه مطلقاً، ومن مجيء الخرطوم بمعنى الخمر، قول علقمة بن عبدة: [البسيط]