قوله: «في يوم»، فيه وجهان:
أظهرهما: تعلقه ب «تَعْرجُ».
والثاني: أنه يتعلق ب «دافع».
وعلى هذا فالجملة من قوله: «تعرجُ الملائكةُ» معترضة، و «كَانَ مقداره» صفةٌ ل «يوم».
قال ابن الخطيب: الأكثرون على أنَّ قوله: «فِي يَوْمٍ» صلة قوله: «تَعْرُجُ»، أي: يحصل العروج في مثل هذا اليوم.
وقال مقاتل: بل هذا من صلة قوله: «بعَذابٍ واقع» [وعلى هذا القول يكون في الآية تقديم وتأخير، والتقدير: سأل سائل بعذاب واقع]، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وعلى التقدير الأول، فذلك اليوم، إما أن يكون في الآخرة، أو في الدنيا. وعلى تقدير أن يكون في الآخرة، فذلك الطول إما أن يكون واقعاً، وإما أن يكون مقدراً، فإن كان معنى الآية: إن ذلك العُروجَ يقع في يوم من أيام الآخرة طوله خمسون ألف سنةٍ، وهو يوم القيامة، وهذا قول الحسن، قال: وليس يعني أن مقدار طوله هذا فقط؛ إذ لو كان كذلك لحصلت له غاية، ولنفيت الجنة والنار عند انتهاء تلك الغاية، وهذا غير جائز، بل المراد: أن موقفهم للحساب حين يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سني الدُّنيا بعد ذلك يستقر أهل النار في النار، نعوذ بالله منها.
فصل في الاحتجاج لهذا القول
قال القرطبي: واستدل النحاس على صحة هذا القول بما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «مَا مِنْ رجُلٍ لَمْ يُؤدِّ زكَاةَ مالِه إلاَّ جعلَ لَهُ شُجَاعاً مِنْ نَارٍ تُكْوَى بِهِ جبْهَتُهُ وظَهْرُهُ وجَنْبَاهُ يَوْمَ القِيامَةِ في يَوْمٍ كَانَ مقْدارهُ خَمْسينَ ألْفَ سَنةٍ حتَّى يقْضِيَ الله بَيْنَ النَّاسِ» وهذا يدل على أنه يوم القيامةِ.
وقال إبراهيم التيمي: ما قدر ذلك اليوم على المؤمن إلا ما قدر ما بين ظهر يومنا وعصره.
وروي هذا المعنى مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «يحاسبكم الله تعالى بمقدار ما بين الصلاتين» ولذلك سمى نفسه ﴿سَرِيعُ الحساب﴾ [المائدة: ٤٠]، و ﴿أَسْرَعُ الحاسبين﴾ [