وقال الشاعر: [الطويل]
٤٨٩٠ - لَنَا الجَفنَاتُ الغُرّ يَلْمَعْنَ بالضُّحَى | وأسْيَافُنَا يَقْطُرنَ مِنْ نَجْدةٍ دَمَا |
وقرأ عبد الله «مِنْ خَطيئاتِهم مَا أغْرِقُوا»، فجعل «ما» المزيدة بين الفعلِ وما يتعلق به.
و «من» للسببية تتعلق ب «أغْرقُوا».
وقال ابنُ عطية: لابتداء الغايةِ، وليس بواضح.
وقرأ العامةُ: «أغرقوا» من «أغرق».
وزيد بن علي: «غُرِّقُوا» بالتشديد.
وكلاهما للنقل، تقول: «أغرقت زيداً في الماء، وغرَّقته به».
فصل في صحة «عذاب القبر»
قال ابن الخطيب: دل قوله: ﴿أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً﴾، على إثبات عذاب القبر لأنه يدل على أنه حصلت تلك الحالة عقيب الإغراق، ولا يمكن حمل الآية على عذاب الآخرة وإلاَّ بطلت دلالة هذه الفاء، وأيضاً فقوله «فأدْخِلُوا» يدل على الإخبار عن الماضي، وهذا إنَّما يصدق لو وقع ذلك، وقال مقاتل، والكلبيُّ: معناه أنهم سيدخلون في الآخرة ناراً، ثم عبر عن المستقبل بلفظ الماضي؛ لصدق وقوع وعده كقوله: ﴿ونادى أَصْحَابُ الجنة﴾ [الأعراف: ٤٤].
قال ابن الخطيب: وهذا ترك للظاهر، من غير دليل، فإن قيل: إنما تركنا الظاهر لدليل، وهو أن من مات في الماء، فإنا نشاهده هناك، فكيف يمكن أن يقال: إنهم في تلك الساعة أدخلوا ناراً؟ فالجواب: إن هذا الإشكال، إنَّما جاء لاعتقاد أنَّ الإنسان هو مجموعُ هذا الهيكل، وهذا خطأ لأن الإنسان هو الذي كان موجوداً من أول عمره، مع أنَّه كان صغير الجثَّة في أول عمره، ثم إن أجزاءه دائماً في التحلل والذوبان، ومعلوم أن الباقي غير المتبدل، فهذا الإنسانُ عبارة عن ذلك الشيء الذي هو باقٍ، من أول عمره إلى الآن، فلمَ لا يجوز أن يقال: نقل الأجزاء الباقية الأصلية التي في الإنسان عبارة عنها إلى النار وإلى العذاب.