كلمة تعظيم، وتهويل، ثم فسر حالها، فقال - جل ذكره -: ﴿لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ﴾ أي: لا تترك لهم لحماً، ولا عظماً، ولا دماً إلا أحرقته.
قوله: ﴿لاَ تُبْقِي﴾، فيها وجهان:
أحدهما: أنها في محل نصب على الحال، والعامل فيها معنى التعظيم، قاله أبو البقاء.
يعني أن الاستفهام في قوله: «مَا سَقَرُ» للتعظيم، والمعنى: استعظموا سقر في هذه الحال.
ومفعول «تُبْقِي»، وتَذرُ «محذوف أي لا تبقي ما ألقي فيها، ولا تذره، بل تهلكه.
وقيل: تقديره لا تُبْقِي على من ألقي فيها، ولا تذر غاية العذاب إلا وصلته إليه.
والثاني: أنها مستأنفة.
قال ابن الخطيب: واختلفوا في قوله: ﴿لا تبقي ولا تذر﴾.
فقيل: هما لفظان مترادفان بمعنى واحد، كرر للتأكيد والمبالغة، كقولك صدَّ عني وأعرض عني، بل بينهما فرق، وفيه وجوه:
الأول: لا تبقي من اللحم، والعظم، والدم شيئاً، ثم يعادون خالقاً جديداً،»
ولا تَذرُ «أن تعاود إحراقهم بأشد مما كانت، وهكذا أبداً، رواه عطاء عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما.
وقال مجاهد: لا تبقي فيها حياً ولا تذره ميتاً بل تحرقهم كلما جُدِّدوا. وقال السديّ: لا تبقي لهم لحماً ولا تذر لهم عظماً. وقيل: لا تبقي من المعذبين، ولا تذر من فوقها شيئاً، إلا تستعمل تلك القوة في تعذيبهم.
قوله تعالى: ﴿لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ﴾، قرأ العامة: بالرفع، خبر مبتدأ مضمر، أي هي لواحة، وهذه مقوية للاستئناف في»
لا تُبقِي «.
وقرأ الحسن، وابن أبي عبلة وزيد بن علي وعطية العوفي ونصر بن عاصم وعيسى بن عمر: بنصبهما على الحال، وفيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها حال من»
سَقرُ «، والعامل معنى التعظيم كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon