الثالث: أنها حال من فاعل «تتَّخذُوا» أي: لا تتخذوا ملقين المودّة.
الرابع: أنها صفة لأولياء.
قال الزمخشري: «فإن قلت: إذا جعلته صفة وقد جرى على غير من هو له، فأين الضمير البارز، وهو قولك: تلقون إليهم أنتم بالمودّة؟.
قلت: ذاك إنما اشترطوه في الأسماء دون الأفعال ولو قيل: أولياء ملقين إليهم بالمودة على الوصف لما كان بُدّ من الضمير البارز».
وقد تقدمت هذه المسألة مستوفاة، وفيها كلام مكي وغيره.
إلا أن أبا حيّان اعترض على كونها صفة أو حالاً، بأنهم نهوا عن اتخاذهم أولياء مطلقاً في قوله: ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ﴾ [المائدة: ٥١]، والتقييد بالحال والوصف يوهم جواز اتخاذهم أولياء إذا انتفى الحال أو الوصف.
قال شهاب الدين: «ولا يلزم ما قال، لأنه معلوم من القواعد الشرعية، فلا مفهوم لها ألبتة».
وقال الفرَّاء: «تلقون» من صلة «أولياء».
وهذا على أصولهم من أن النكرة توصل لغيرها من الموصولات.
قوله: «بِالمَودَّةِ». في الباء ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الباء مزيدة في المفعول به، كقوله: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٥]، وقوله: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ﴾ [الحج: ٢٥].
والثاني: أنها غير مزيدة، والمفعول محذوف، ويكون معنى الباء: السببية، كأنه قيل: تلقون إليهم أسرار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأخباره بسبب المودة التي بينكم وبينهم. قاله الزجاج.
الثالث: أنها متعلقةٌ بالمصدر الدال عليه «تلقون» أي: إلقاؤهم بالمودة.
نقله الحوفي عن البصريين [وجعل القول بزيادة الباء قول الكوفيين.
إلا أنَّ هذا الذي نقله عن البصريين] لا يوافق أصولهم، إذ يلزم منه حذف المصدر وإبقاء معموله، وهو لا يجوز عندهم، وأيضاً فإن فيه حذف الجملة برأسها، فإن «إلقاءهم» مبتدأ، و «بالمَودَّةِ» متعلق به، والخبر أيضاً محذوف، وهذا إجحاف.