وقال تعالى: ﴿لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [الكهف: ٧٧] وهذا أسهل القولين.
والقُرّاءُ على إدغام الذَّال في التاء لقرب مخرجهما، وابن كثير، وعاصم في رواية حَفْص بالإظهار، وهذا الخلاف جارٍ في المفرد نحو:» اتَّخَذْتُ «، والجمع نحو:» اتَّخَذْتُم «، وأتى في هذه الجملة ب» ثم «دلالة على أن الإتِّخَاذ كان بعد المُوَاعدة بمهلة.
وقال ابن الخطيب: لما أنعم عليهم بهذه النِّعْمَة، وأتوا عَقِيْبَ ذلك بأقبح أنواع الجهل الكُفْر، كان ذلك في حل التعجُّبن فهو كمن يقول: إني أحسنت إليك، وفعلت كذا وكذا، ثم إنك تقصدني بالسُّوء والإيذاء منه، ومثله: ﴿ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١]، ﴿ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ٢] ؛ ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذلك﴾ [البقرة: ٧٤]، ﴿ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً﴾ [الجاثية: ٨]، ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥].
قوله: «مِنْ بعْدِهِ» متعلّق ب «اتَّخَذَتُمْ»، و «مِنْ» لابتداء الغاية والضمير بعود على مُوسى، ولا بُدّ من حذف مضافٍ، إي: من بعد انطلاقه أو مُضِيّه.
وقل ابن عطية: «يعود على موسى».
وقيل: «على انطلاقه للمتكلّم».
ويل: عرى الوَعْدِ، وفي كلامه بعض مُنَاقشة، فإن قوله: «وقيل يعود على انطلاقه» يقتضي عوده على موسى من غير تقدير مضاف، وذلك غير مُتَصَوَّر.
قوله: «وَأَنْتُم ضَالِمُونَ» جملة حالية من فاعل «اتَّخَذْتُمْ».
و «العِجْل» ولد البقرةن والعُجُول مثله، والجمع عَجَاجِيْل، والأنثى «عِجْلة»، عن أبي الحسن، وسمي العجل عِجْلاً لاستعجالهم عبادته، ذكره القُرْطبي، وفيه نظر؛ لأن العِجْلَ ولد البقرة كان موجوداً قبل أن يتخذ بنو إسرائيل العِجْل.
فصل
قال أهل التَّفسير: لما ذهب موسى إلى الطُّور، وقال لأخيه هارون: اخلفني في قَوْمي، وكان قد بقي مع بني إسرائيل الثياب والحُلِيّ الذي استعاروه من القِبْطِ قال لهم