وعنه - أيضاً - البرد: النَِّوم، والشراب: الماء.
قال الزجاج: لا يذوقُونَ فيها بَرْدَ ريحٍ، ولا بَرْدَ نومٍ ولا بَرْدَ ظلٍّ. فجعل البرد كل شيء له رائحة.
وقال الحسن وعطاء وابن زيد: بَرداً: أي روحاً ورائحة.
قوله: ﴿إِلاَّ حَمِيماً﴾. يجوز أن يكون استثناء متَّصلاً من قوله: «شراباً»، ويجوز أن يكون مُنْقَطِعاً.
قال الزمخشري: «يعني لا يَذُوقُون فيها برداً، ولا روحاً ينفس عنهم حر النَّار» ولا شراباً «يسكن من عطشهم، ولكن يذوقون فيها حميماً وغسَّاقاً».
قال شهاب الدين: «ومكي لمَّا جعله منقطعاً جعل البرد عبارة عن النوم، قال: فإن جعلته النوم كان» إلا حميماً «استثناء ليس من الأول».
وإنَّما الذي حمل الزمخشري على الانقطاع مع صدق الشراب على الحميم والغسَّاق، وصفة له بقوله: «ولا شراباً يسكن من عطشهم» فبهذا القيد صار الحميمُ ليس من جنس هذا الشراب؛ وإطلاق البردِ على النوم لغة هذيل، وأنشد البيت المتقدم.
وقول العرب: منع البرد، قيل: وسمي بذلك لأنه يقطع سورة العطش، والذوق على هذين القولين مجاز، أعني: كونه روحاً ينفس عنهم الحر، وكونه النوم مجاز، وأمَّا على قوله من جعله اسماً للشراب الباردِ المستلذّ كما تقدَّم عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما وأنشد قول حسان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: [الكامل]
٥٠٧٧ - يَسْقُون مَنْ ورَدَ البَريصَ عَليْهِمُ | بَرَدى تُصفِّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ |
قال ابنُ الأثيرِ: البريص: الماء القليل، والبرصُ: الشيء القليل؛ وقال الآخر: [الطويل]
٥٠٧٨ - أمَانيَّ مِنْ سُعْدى حِسانٌ كأنَّما | سَقتْكَ بِهَا سُعْدَى عَلى ظَمَإٍ بَرْدَا |
والذوق حقيقة، إلا أنه يصير فيه تكرار بقوله بعد ذلك
«ولا شراباً».