قوله: ﴿فِي الحافرة﴾ «الحافرة» : التي يرجعُ الإنسان فيها من حيث جاء، يقال: رجع في حافرته، ثم يعبر عن الرجوع في الأحوال من آخر الأمر إلى أوله؛ قال: [الوافر]
٥٠٨٩ - أحَافِرةً عَلى صَلعٍ وشَيْبٍ؟ | مَعاذَ اللهِ من سَفهٍ وعَارِ |
وأصله: أنَّ الإنسان إذا رجع في طريقه أثرت قدماه فيها حفراً.
وقال الراغبُ، في قوله تعالى: ﴿فِي الحافرة﴾ مثل لمن يرد من حيث جاء، أي: أنَحْيَا بعد أن نموت؟.
وقيل: «الحَافرة»، الأرضُ التي جُعلتْ قبُورهُمْ فيها، ومعناه: أئِنَّا لمردودون ونحن في الحافرة؟ أي: في القبور.
وقوله: «في الحافرة» على هذا في موضع الحال، ويقال: رجع الشيخ إلى حافرته، أي: هرم لقوله تعالى:
﴿وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر﴾ [النحل: ٧٠].
وقولهم: «النقد عند الحافرة» لما يباع نقداً، وأصله من الفرس إذا بيع، فيقال: لا يزول حافره، أو ينقد ثمنه.
والحفر: تآكل الأسنان، ود حفر فوه حفراً، وقد أحفر المهر للأثناء والأرباع.
والحافرة: «فاعلة» بمعنى: «مفعولة»، وهي الأرض التي تحفر قبورهم فيها فهي بمعنى: «المحفورة»، كقوله تعالى: ﴿مَّآءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٦]، و ﴿عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٧]، والمعنى: أئِنَّا لمردودون في قبورنا.
وقيل: على النسب، أي: ذاتُ حفر.
وقيل: سُمِّيت الأرض الحافرة؛ لأنها مستقر الحوافر، كما سمِّيت القدم أرضاً؛ لأنها على الأرض، لقولهم: الحافرة جمع حافرة بمعنى: القدم أي: نمشي أحياء على أقدامنا، ونطأ بها الأرض.
وقيل: هي أول الأمر.
ويقول التجار: «النقد في الحافرة» أي في أول السّوم؛ وقال الشاعر: [السريع]
٥٠٩٠ - آلَيْتُ لا أنْسَاكُم فاعْلَمُوا | حَتَّى يُرَدَّ النَّاسُ في الحَافِرَهْ |