قلنا نعم، ومعناه إنكار التصدي والتلهي عنه، أي مثلك خصوصاً لا ينبغي أن يتصدى للغني، ويتلهى عن الفقير.
قوله: ﴿كَلاَّ﴾ وهو ردع عن المعاتب عليه وعن معاودة مثله. قال الحسن: لما تلا جبريل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هذه الآيات عاد وجهه كأنما أسف الرماد فيه ينتظر ماذا يحكم الله جبريل على النبي صلى الله هذه الآيات عاد وجهه كأنما أسف الرماد فيه يتنظر ماذا يحكم الله عليه، فلما قال: ﴿كَلاَّ﴾ سري عنه، أي لا تفعل مثل ذلك قال ابن الخطيب: وقد بينا نحن أن ذلك محمول على ترك الأولى.
وقوله: ﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ فيه سؤالان:
الأول: قوله: ﴿إِنَّهَا﴾ ضمير المؤنث، وقوله: ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ ضمير المذكر، والضميران عائدان إلى شيء واحد، فكيف القول فيه؟.
الجواب: وفيه وجهان:
الأول: أن قوله: ﴿إِنَّهَا﴾ ضمير المؤنث، قال مقاتل: يعني آيات القرآن، وقال الكلبي: يعني هذه السورة وهو قول الأخفش والضمير في قوله: ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ عائد إلى التذكرة أيضاً، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ.
الثاني: قال صاحب النظم: إنها تذكرة يعني بها القرآن والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكره لجاز كما قال في موضع آخر ﴿كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ والدليل على أن قوله: ﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ المراد به القرآن قوله ﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾.

فصل


كيف اتصال هذه الآية بما قبلها؟ الجواب: من وجهين:
الأول: كأنه قيل: هذا التأديب الذي أوحيته إليك وعرفته لك في إجلال الفقراء وعدم الالتفات إلى أهل الدنيا أثبت في اللوح المحفوظ الذي قد وكل بحفظه أكابر الملائكة.
الثاني: كأنه قيل: هذا القرآن قد بلغ في العظمة إلى هذا الحد العظيم، فأي حاجة به إلى أن يقبله هؤلاء الكفار، فسواء قبلوه أو لم يقبلوه فلا تلتفت إليهم ولا تشغل قلبك بهم، وإياك أن تعرض عمن آمن به تطييباً لقلوب أرباب الدنيا.


الصفحة التالية
Icon