قوله: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً﴾. أي: جاء أمره وقضاؤه. قاله الحسن، وهو من باب حذف المضاف.
وقيل: جاءهم الربُّ بالآيات، كقوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام﴾ [البقرة: ٢١٠] أي بظلل.
وقيل: جعل مجيء الآيات مجيئاً له، تفخيماً لشأن تلك الآيات، كقوله تعالى في الحديث: «يَا ابْنَ آدم مَرضتُ فلمْ تعُدِنِي، واسْتسْقَيتُكَ فَلمْ تَسقِنِي واسْتطعَمْتُكَ فَلمْ تُطْعمْنِي».
وقيل: زالت الشبه، وارتفعت الشكوك، وصارت المعارف ضرورية، كما تزول الشبه والشكوك عند مجيء الشيء الذي كان يشك فيه [وقيل وجاء قهر ربك، كما تقول جاءتنا بنو أمية، أي: قهرهم.
قال أهل الإشارة: ظهرت قدرته واستوت، والله - سبحانه وتعالى - لم يوصف بالتحول من مكان إلى مكان، وأنَّى له التحول والانتقال، ولا مكان ولا أوان، ولا يجري عليه وقت ولا زمان؛ لأن في جريان الوقت على الشيء فوات الأوقات، ومن فاته الشيء، فهو عاجز.
وأما قوله تعالى: ﴿والملك صَفّاً صَفّاً﴾ أي: والملائكة صفاً بعد صفٍّ متحلِّقين بالجن والإنس].
قوله: ﴿وجياء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾.
«يومئذ» : منصوب ب «جيء»، والقائم مقام الفاعل: «بجهنم» وحوز مكيٍّ: أن يكون «يومئذ» : قائم مقام الفاعل.
وأمَّا «يومئذ» الثاني فقيل: بدل من «إذا دُكَّتِ»، والعامل فيها: «يتذكر»، قاله الزمخشري وهذا مذهب سيبويه.
وقيل: إن العامل في «إذا دكت» : يقول، والعامل في «يومئذ» : يتذكر، قاله أبو البقاء.

فصل


قال ابنُ مسعودٍ ومقاتلٌ: «تقادُ جهنَّمُ بِسبْعِينَ ألف زمام، كُل زِمَامٍ بيدِ سبْعينَ ألْف ملكٍ يجرونها، لهَا تَغَيُّظٌ وزفيرٌ، حتَّى تنصبَّ عن يسارِ العرْشِ».


الصفحة التالية
Icon