كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ} يدل على أن «لا» بمعنى: «لم»، ولا يلزم التكرير مع «لم»، فإن كررت «لا» كقوله: ﴿فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى﴾ [القيامة: ٣١]، فهو كقوله تعالى: ﴿لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ﴾ [الفرقان: ٦٧].
فصل في معنى الآية
المعنى: فهلاَّ أنفق ماله في اقتحام العقبة، الذي يزعم أنه أنفقه في عداوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هلا أنفقه في اقتحام العقبة، فيأمن، والاقتحامُ: الرمي بالنفس في شيء من غير روية، يقال منه: قحم في الأمر قُحُوماً، أي: رمى بنفسه فيه من غير روية، وقَحَّم الفرس فارسه تقحيماً على وجهه: إذا رماه وتقحيم النفس في الشيء: إدخالها فيه من غير روية، والقُحْمَةُ - بالضم - المهلكة والسَّنة الشديدة، يقال: أصاب العرب القُحْمَةُ: إذا أصابهم قحط [فدخلوا الريف] والقُحَمُ: صعاب الطريق.
وقال عطاء: يريد عقبة جهنم.
وقال مجاهدٌ والضحاك: هي الصراطُ.
قال الواحدي: وهذا فيه نظر؛ لأن من المعلوم أن هذا الإنسان وغيره، لم يقتحموا عقبة جهنم ولا جاوزوها.
وقال ابن العربي: قال مجاهد: اقتحام العقبة في الدنيا؛ لأنه فسره بعد ذلك، بقوله: «فكُّ رقَبةٍ» أو أطعم في يومٍ يتيماً، أو مسكيناً، وهذه الأعمال إنما تكون في الدنيا.
وقال الحسنُ ومقاتلٌ: هذا مثلٌ ضربه الله تعالى، لمجاهدة النفس، والشيطان في أعمال البر.
قال القفال: قوله تعالى: ﴿فَلاَ اقتحم العقبة﴾، معناه: فلا أنفق ماله فيما فيه اقتحام العقبة.
وقيل: معنى قوله تعالى: ﴿فَلاَ اقتحم﴾ دعاء، أي: فلا نجا ولا سلم، من لم ينفق ماله في كذا وكذا.
وقيل: شبه عظيم الذنوب، وثقلها بعقبةٍ، فإذا أعتق رقبة، أو عمل صالحاً، كان مثله مثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب تضره، وتؤذيه وتثقله.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة﴾.