الله هذه السورة، ولما نزل جبريل سأله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن التّأخر، فقال:» أما عَلِمْتَ أنَّا لا ندخلُ بَيْتَاً فيهِ كَلبٌ، ولا صُورةٌ «.
وقيل: لما سألته اليهود عن الروح، وذي القرنين وأهل الكهف، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» سَأخْبركُمْ غداً «ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي إلى أن نزل جبريل - عليه السلام - بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ [الكهف: ٢٣، ٢٤]، فأخبره بما سئل عنه، وفي هذه القصة نزلت: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى﴾.
قوله: ﴿وَلَلآخِرَةُ﴾ الظاهر في هذه اللام أنها جواب القسم، وكذلك وفي» ولسَوْفَ «أقسم الله تعالى على أربعة أشياءٍ: اثنان منفيان، وهما توديعه وقلاه، واثنان مثبتان مؤكدان، وهما كون الآخرة خيراً له من الأولى، وأنه سوف يعطيه ما يرضيه. وقال الزمخشري:» فإن قلت: ما هذه اللام الداخلة على «سَوْفَ» ؟.
قلت: هي لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوف، تقديره: وأنت سوف - كما ذكرنا في «لأقسمُ» أن المعنى: لأنا أقسم - وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم، أو ابتداء، فلام القسم لا تدخل مع المضارع إلا مع نون التوكيد، فبقي أن تكون لام ابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلاَّ على الجملة من المبتدأ، والخبر، فلا بد من تقدير مبتدأ، وخبره، وأن يكون أصله: ولأنت سوف يعطيك «.
ونقل أبو حيَّان عنه، أنه قال:» وخلع من اللام دلالتها على الحال «انتهى.
وهذا الذي رده على الزمخشري، يختار منه: أنها لام القسم، وقوله:» لا يدخل مع المضارع إلا مع نون التوكيد «، استثنى النحاة منه صورتين:
إحداهما: أن لا يفصل بينها وبين الفعل حرف التنفيس كهذه الآية، وكقولك:» والله لسأعطيك «.
والثاني: ألاَّ يفصل بينهما بمعمول الفعل، كقوله: ﴿لإِلَى الله تُحْشَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٥٨].
ويدل لما قلت ما قال الفارسي: ليست هذه اللام هي التي في قولك:» إن زيداً لقائم «، بل هي التي في قولك:» لأقُومنَّ «ونابت» سَوْفَ «عن إحدى نوني التأكيد، فكأنه قال: ولنعطينك.