وقيل: ووجدك ضالاً ليلة المعراج حين انصرف عنك جبريل، وأنت لا تعرف الطريق، فهداك إلى ساق العرش.
وقال بعض المتكلمين: إذا وجدت العرب شجرة منفردة في فلاة من الأرض، لا شجر معها، سموها ضالة، فيهتدى بها إلى الطريق، فقال تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «ووجَدَكَ ضالاًّ» أي لا أحد على دينك، بل وأنت وحيد ليس معك أحد، فهديت بك الخلق إلي.
وقيل: ووجدك مغموراً في أهل الشرك، فميزك عنهم، يقال: ضل الماءُ في اللبن، ومنه ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض﴾ [السجدة: ١٠]، أي: لحقنا بالتراب عند الدَّفن، حتى كأنا لا نتميز من جملته وقيل: ضالاًّ عن معرفة الله حين كنت طفلاً صغيراً، كقوله تعالى: ﴿والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً﴾
[النحل: ٧٨] فخلق فيك العقل والهداية والمعرفة، فالمراد من الضال الخالي من العلم لا الموصوف بالاعتقاد، قيل: قد يخاطب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والمراد قومه فقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فهدى﴾ أي وجد قومك ضلالاً فهداهم بك.
وقيل: إنه كان على ما كان القوم عليه لا يظهر لهم في الظاهر الحال، وأما الشرك فلا يظن به على مواسم القوم في الظاهر أربعين سنة.
وقال الكلبي والسدي أي وجدك كافراً والقوم كفاراً فهداك، وقد مضى الرد على هذا القول في سورة الشورى.
قوله: ﴿وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فأغنى﴾، العائل: الفقير، وهذه قراءة العامة يقال: عال زيد، أي: افتقر.
قال الشاعر: [الوافر]
٥٢٤٣ - ومَا يَدْري الفَقِيرُ متَى غِنَاهُ | ومَا يَدْرِي الغَنِيُّ متَى يَعِيلُ |
٥٢٤٤ - اللهُ أنْزَلَ في الكِتَابِ فَريضَةً | لابْنِ السَّبِيلِ وللفَقِيرِ العَائِلِ |
وقال ابن الخطيب: العائل ذو العيلة، ثم أطلق على الفقير لم يكن له عيال،