والمشهور أن المراد به الفقير، ويؤيده ما روي في مصحف عبد الله: «وَوَجَدَكَ عديماً».
وقوله تعالى: ﴿فأغنى﴾، أي: فأغناك خديجة وتربية أبي طالب، ولما اختل ذلك أغناك بمال أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -، ولما اختل ذلك أمره بالهجرة وأغناه بإعانة الأنصار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -، ثم أمره بالجهاد، وأغناه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالغنائم.
[وقال مقاتل: أغناك بما أعطاك من الرزق.
وقال عطاء: وجدك فقير النفس، فأغنى قلبك، وقيل: فقيراً من الحجج والبراهين، فأغناك بها].
قوله: ﴿فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ﴾. اليتيم منصوب ب «تَقْهَرْ»، وبه استدل ابن مالك على أنه لا يلزم من تقديم المعمول تقديم العامل؛ ألا ترى أنَّ اليتيم منصوب بالمجزوم، وقد تقدم الجازم، لو قدمت المجزوم على جازمه، لامتنع، لأن المجزوم لا يتقدم على جازمه، كالمجرور لا يقدم على جاره.
وتقدَّم ذلك في سورة هود عليه السلام عند قوله تعالى: ﴿أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ﴾ [هود: ٨].
وقرأ العامة: «تَقْهَر» بالقاف من الغلبة، وابن مسعود، والشعبي، وإبراهيم النخعي والأشهب العقيلي، «تكهر» بالكاف. كهر في وجهه: أي عبس، وفلان ذو كهرة، أي: عابس الوجه.
ومنه الحديث: «فَبِأبِي هُوَ وأمِّي فوالله ما كهرني».
قال أبو حيان: «وهي لغة بمعنى قراءة الجمهور» انتهى.
والكهر في الأصل: ارتفاع النهار مع شدة الحر.
وقيل: الكهر: الغلبة، والكهر: الزجر. والمعنى: لا تسلط عليه بالظلم، بل ادفع إليه حقه، واذكر يتمكَ. قاله الأخفش.
وقال مجاهدٌ: لا تحتقر. وخص اليتيم، لأنه لا ناصر له غير الله تعالى، فغلظ في تأثير العقوبة على ظالمه، والمعنى: عامله كما عاملناك به، ونظيره:
﴿وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ [القصص: ٧٧].
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «الله الله فيمَنْ لَيْسَ له إلا الله».