وابن وثَّاب وأبو جعفر وعيسى: بضمها، وفيه خلاف، هل هو أصل، أو منقول من المسكن؟ والألف واللام في العسر الأول لتعريف الجنس، وفي الثاني للعهد، وكذلك روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - لن يغلب عسرٌ يسرين وروي أيضاً مرفوعاً أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج يضحك يقول:
«لن يغلب عسر يسرين» والسبب فيه أن العرب إذا أتت باسم، ثم أعادته مع الألف واللام، كان هو الأول، نحو: جاء رجل فأكرمتُ الرجل، وقوله تعالى: ﴿كَمَآ أَرْسَلْنَآ إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فعصى فِرْعَوْنُ الرسول﴾ [المزمل: ١٥، ١٦]، ولو أعادته بغير ألف ولام كان غير الأول، فقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾ لما أعاد العسر الثاني أعاده ب «أل»، ولما كان اليُسْر الثاني غير الأول لم يعده بأل.
وقال الزمخشريُّ: فإن قلت: ما معنى قول ابن عبَّاس؟ وذكر ما تقدم.
قلت: هذا عمل على الظاهر، وبناء على قوة الرجاء، وأن موعد الله تعالى لا يحمل إلا على أوفى ما يحتمله اللفظ، وأبلغه، والقول فيه أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تكريراً للأولى كما كرر قوله: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ لتقرير معناها في النفوس، وتمكنها في القلوب، وكما يكرر المفرد في قوله: «جاء زيد زيد»، وأن تكون الأولى عدة بأن العسر مردوف بيُسْرٍ [لا محالة والثانية: عدة مستأنفة بأن العسر متبوع بيسر] فهما يسران على تقدير الاستئناف وإنَّما كان العسر واحداً لأنه لا يخلو، إما أن يكون تعريفه للعهد، وهو العسر الذي كانوا فيه، فهو هو، لأن حكمه حكم زيد في قولك: «إن مع زيد مالاً، إن مع زيد مالاً»، وإما أن يكون للجنس الذي يعلمه كل أحد، فهو هو أيضاً، وأما اليسر، فمنكر متناول لبعض الجنس، فإذا كان الكلام الثاني مستأنفاً غير مكرر، فقد تناول بعضاً غير البعض الأول بغير إشكال.
قال أبو البقاء: العسر في الموضعين واحد؛ لأن الألف واللام توجب تكرير الأول، وأما يُسْراً في الموضعين، فاثنان، لأن النكرة إذا أريد تكريرها جيء


الصفحة التالية
Icon