قوله: «من اللهِ» يجوز تعلُّقه بنفس «رسول» أو بمحذوف على أنه صفة ل «رسول»، وجوز أبو البقاء ثالثاً، وهو أن يكون حالاً من «صحفاً»، والتقدير: يتلو صحفاً مطهرة منزلة من الله تعالى.
يعني كانت صفة في الأصل للنَّكرة، فلما تقدمت عليها نصبت حالاً.
قوله: «يتلو» يجوز أن يكون صفة ل «رسول» وأن يكون حالاً من الضمير في الجار قبله، إذا جعله صفة ل «رسول». و «يتلو» : أي: يقرأ، يقال: تلا يتلو تلاوة. و «صُحُفاً» جمع صحيفة، وهي ظرف المكتوب.
«مُطهَّرة»، قال ابن عبَّاسٍ: من الزور، والشك، والنفاق، والضلالة، وقال قتادة: من الباطل.
وقيل: من الكذب والشبهات، والمعنى واحد [أي: يقرأ ما تتضمن الصحف من المكتوب بدليل أنه كان يتلو على ظهر قلب لا عن كتاب، ولأنه كان أميًّا لا يقرأ، ولا يكتب، ومطهرة من نعت الصحف كقوله تعالى: ﴿فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ﴾ [عبس: ١٣، ١٤] فالمطهرة: نعت للصحف في الظاهر، وهو نعت لما في الصحف من القرآن.
وقيل: مطهرة أي: لا يسمُّها إلا المطهرون كما تقدم في سورة «الواقعة».
وقيل: الصحف المطهرة هي التي عند الله - تعالى - في أم الكتاب الذي منه نسخ ما أنزل على الأنبياء صلوات الله عليهم من الكتب لقوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ [البروج: ٢١ - ٢٢].
قوله: ﴿فِيهَا كُتُبٌ﴾. يجوز أن تكون جملة صفة ل «صُحُفاً»، أو حالاً من ضمير «مُطهَّرة» وأن يكون الوصف أو الحال الجار والمجرور فقط، و «كتب» فاعل به، وهو الأحسن، والمراد بالكتب: الآيات المكتوبة في الصحف، والقيمةُ: المستقيمة المحكمةُ، من قول العرب: قام يقوم إذا استوى وصح.
وقال صاحب «النَّظم» : الكتب بمعنى الحكم؛ لقوله تعالى: ﴿لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي﴾ [المجادلة: ٢١]، ومنه حديث العسيف: «لأقضينَّ بَينكُمَا بِكتابِ اللهِ»، ثم قضى بالرَّجْم، وليس ذكر الرجم مسطُوراً في الكتاب.