مضر في الجاهلية، من أبخل الناس، وكان لا يُوقد الخبز ولا غيره حتى تنام العيون، فيوقد نُويْرَة تقد مرة، وتخمد أخرى، فإن استيقظ لها أحد أطفأها، كراهية أن ينتفع بها أحدٌ، فشبهت هذه النار بناره؛ لأنه لا ينتفع بها.
وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت ناراً فكذلك يسمونها.
قال النابغة: [الطويل]

٥٢٧٢ - ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلولٌ من قِرَاعِ الكَتائبِ
تَقُدُّ السَّلوقِيَّ المُضاعفَ نَسْجهُ وتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ
قوله: ﴿فالمغيرات صُبْحاً﴾ ظرف؛ أي: التي تغير وقت الصبح، يقال: أغار يغير إغارة وغارةً: إذا باغت عدواً نهباً وقتلاً وأسراً؛ قال: [البسيط]
٥٢٧٣ - فَليْتَ لِي بِهمُ قَوماً إذَا رَكِبُوا شَنُّوا الإغَارَة فُرْسَاناً ورُكْبَانَا
وأغار وغار أيضاً: نزل الغور، وهو المنهبط من الأرض.
قوله: ﴿فَأَثَرْنَ﴾. عطف الفعل على الاسم، لأن الاسم في تأويل الفعل لوقوعه صلى ل «أل».
قال الزمخشريُّ: «معطوف على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، يعني في الأصل؛ إذ الأصل: واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن».
قوله: ﴿بِهِ﴾. في الهاء أوجه:
أحدها: أنه ضمير الصبح، أي: فأثرن في وقت الصبح غباراً. وهذا حسن، لأنه مذكور بالتصريح.
الثاني: أنه عائد على المكان، وإن لم يجر له ذكر؛ لأن الإشارة لا بد لها من مكان، والسياق والعقل لا يدلان عليه، وإذا علم بالمعنى جاز أن يكون عما لم يجري له ذكر بالصريح كقوله تعالى: ﴿حتى تَوَارَتْ بالحجاب﴾ [ص: ٣٢]. وفي عبارة الزمخشري: «وقيل: الضمير لمكان الغارةِ»، وهذا على تلك اللغيَّة وإلا فالفصيح أن تقول: الإغارة.
الثالث: أنه ضمير العدو الذي دل عليه «والعَادِيَاتِ».
وقرأ العامة: بتخفيف الثاء، أثار كذا إذا نشره وفرقه من ارتفاع.
وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة: بتشديدها.


الصفحة التالية
Icon